IMLebanon

أستانة والظروف الناضجة: أي تسوية وخيار عسكري؟

 

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرى ان كل الظروف المطلوبة لاطلاق العملية السياسية في سوريا نضجت. والسؤال هو: أي ظروف هي التي صارت ناضجة بالفعل؟ ظروف التسوية السياسية أم ظروف الذهاب الى النهاية في الخيار العسكري؟ ظروف الحرب الواسعة بين ايران واسرائيل على المسرح السوري المفتوح على المسرح اللبناني أم ظروف الاشتباكات المحدودة في اطار الاستراتيجية المعلنة في أميركا ل كبح النفوذ الايراني ومواجهة محور المقاومة بقيادة طهران لتلك الاستراتيجية؟ وهل تبدو هذه الظروف كلها متناقضة أم انها مترابطة في مناخ يزيده توترا قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني؟

لافروف يتهم قوى خارجية بالعمل على عرقلة اطلاق العملية السياسية. والمقصود بالطبع أميركا التي كانت في شراكة مع روسيا لترتيب التسوية في جنيف، ثم أعطيت مقعد مراقب في محادثات استانة فغابت عن جولتها الأخيرة التاسعة. لكن واشنطن تتهم موسكو ودمشق وطهران بافراغ محادثات جنيف من جوهرها، وبالتالي عرقلة التسوية المطلوبة بشروط القرارات الدولية، لفرض تسوية بالشروط الروسية وان لم تكن على قياس ما يريده النظام والايرانيون. وبالمقابل فان موسكو ودمشق وطهران تتهم واشنطن بصنع داعش ودعم الارهاب وقيادة حرب كونية ضد سوريا ومحور الممانعة. ولا يبدّل في هذه المواقف ما فعلته أميركا لضرب داعش ومساعدة قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية في طرد داعش من عاصمتها الرقة. وثلث مساحة سوريا، ثم في دعمها للقضاء على بقايا داعش شرق الفرات.

وها هي محادثات استانة تنتهي ببيان تضليلي وتصريحات كاشفة. البيان تحدث عن دور محوري لمناطق خفض التصعيد في الحفاظ على وقف النار وخفض مستوى العنف في سوريا. والواقع ان أعنف المعارك العسكرية هي التي دارت خلال مراحل خفض التصعيد، سواء في الغوطة وجنوب دمشق أو في ريف حمص وحماه وقريبا في درعا. والتصريحات الكاشفة هي اعتراف ألكسندر لافرينتييف رئيس الوفد الروسي بأن محادثات جنيف تتعثر ويجب البحث عن بديل للخروج من الأزمة، وحان الوقت للتركيز في استانة على المسائل الانسانية والسياسية. ولم يكن لدى الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا الذي أعلن قبل أسابيع ان محادثات استانة استنفدت أغراضها سوى الترحيب بوعد هو التشاور بين الدول الثلاث الضامنة والتعامل مع الأمم المتحدة على تهيئة الظروف لتنفيذ اعلان سوتشي عن انشاء اللجنة الدستورية.

 

 

 

وليس أصعب من ان تصنع روسيا تسوية على قياس مصالحها سوى اعادة إعمار سوريا من دون ان يشارك فيها الغرب والعرب.