IMLebanon

اللقاح الملتبس

 

ننتظر، نحن الصحافيين، أن يتلقّى كلٌ منا، من “المنصّة الوطنية”، تحديداً لموعده لأخذ اللقاح، في وقتٍ بدأ القلق يستبدّ بنا جرّاء ما يتردد على نطاقٍ عالميٍ واسع عن لقاح “أسترازينكا” الذي يبدو أنه سيشملنا بأفضاله. أما سبب القلق الشديد، فالضجة المُثارة بقوّة في دولٍ عديدة حول هذا اللقاح الذي، بالرغم من ذلك كلّه، لم نسمع كلمة واحدة بشأنه من وزارة الصحة اللبنانية وسائر المعنيين بتدابير مواجهة كورونا والتصدي لهذا الفيروس الجائح.

 

نقلق، جدّياً، لأن دولاً متقدّمة في أوروبا وسواها أوقفت التعامل مع هذا اللقاح، علماً أنها أرفقت وقفه بكلمة “موقتاً”. ومن باب الإنصاف، إن الشركة المُنتجة لـلقاح “أسترازينكا” في بريطانيا أكّدت “أن سلامة المرضى هي أولويتنا القصوى”، وأن لديها معايير واضحة وصارمة للفعالية والسلامة للموافقة على أي دواءٍ جديد. وبيّنت أن مراجعة التقارير الفردية وأنماط الإبلاغ (المقصود عن النتائج) لا تُشير إلى أن اللقاح “لعب دوراً في أي حال وفاة”.

 

ومع احترامنا للشركة، فإن هذا التطمين لا يطمئن. فليُسمح لنا أن نبقى على قلقنا لأن المسألة مسألة حياة وموت، ولأن الجهات الدولية التي اتّخذت موقفاً مُضاداً صارماً من لقاح “أسترازينكا” لديها أرقى المختبرات العلمية التي يُشرف عليها علماءٌ مُبرّزون في مجال البحوث العلمية الرصينة والهادفة.

 

على سبيل المثال، هل يُمكن تجاوز موقف وكالة الأدوية الأوروبية التي أعلنت أن دولاً أعضاء في الاتحاد الأوروبي أوقفت التطعيم باللقاح البريطاني؟ وإن استدركت معلنةً أن “فوائد اللقاح تفوق أضراره”. وهذا كلام مهم، ولكنّه ليس فقط لا يُبدد القلق، إنما يُثير منه الكثير لأنه يُشير إلى المخاطر التي وإن كانت أقل من الفوائد، فهذا يعني أنها موجودة.

 

ومن يشكّ في النظام الصحي السويسري، وهذا البلد هو من أهم البلدان منتجة الأدوية في العالم، والمشهود لها بمختبراتها. فقد بادرت سويسرا، سابقةً جميع الدول، إلى وقف لقاح “أسترازينكا” منذ الرابع من شهر شباط الماضي. أما النظام الصحي في فرنسا، فيدفع بقوّة للحصول على لقاحات “موديرنا” و”فايزر” بدلاً من “أسترازينكا”.

 

الدنمارك أوقفته للتحقق من “علامات أعراض جانبية خطرة مُحتملة”، وقال وزير الصحة فيها: “يجب التحقيق في الأمر بدقّة”. النمسا أوقفته بعد تسجيل إصابة بتصلّب الدم المُتعدد.

 

إيطاليا والنرويج وإستونيا وليتوانيا ولوكمسبورغ ولاتفيا أوقفته أيضاً. أما ألمانيا التي كانت قد استخدمت واحداً من عشرة من الكمّية التي استوردتها منه، فأوقفته لأن النظام الصحي عندها “قلقٌ بشأن آثاره الجانبية”.

 

فماذا ننتظر في لبنان لنُحدد موقفاً مع أو ضد؟ ونأمل ألا نكون، معشر الصحافيين والإعلاميين، حقل تجارب لهذا اللقاح.