ارجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة أمس، إلى غد الخميس، بناء على وساطة رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط ورغبته في إعطاء فرصة جديدة لحزب الله وللتيار الوطن الحر لمراجعة حساباتهم لمصلحة إعادة الانتظام إلى الحكومة، والتوقف عن سياسة التعطيل التي لا تؤدي الا إلى مزيد من انهيار السلطة ومؤسساتها، الا ان الأجواء السائدة لا تبشر بأن التأجيل سيعطي ثماراً إيجابية تمرر جلسة مجلس الوزراء غد الخميس كما يتمناها رئيس جبهة النضال الوطني ولذات الاعتبارات التي دفعته إلى القيام بالوساطة مع رئيس الحكومة لاقناعه بالتأجيل ما يعني ان البلد لا يزال في قلب عاصفة اعتكاف الرئيس سلام أو الاستقالة وليتحمل حزب الله والتيار الوطني الحر مسؤولية ما يترتب عليها من انعكاسات سلبية على مجمل الأوضاع الداخلية بما في ذلك أزمة النظام.
لا يشك أحد في حسن نوايا النائب جنبلاط من أجل تجاوز الأزمة الناشبة بين رئيس الحكومة وحزب الله والتيار الوطني الحر، ولا في الأسباب الموجبة التي حملته على هذه الوساطة وإن لم تؤدِ اغراضها كما يتمنها رئيس جبهة النضال الوطني لكنها بكل الأحوال قد تساعد على التخفيف من الاحتقان داخل الحكومة بما يؤدي إلى تأجيل الانفجار لإعطاء فرصة جديدة للبحث الهادئ عن تسوية اللاغالب ولا مغلوب على الطريقة السلامية، وإن كانت الأجواء ما زالت معبأة ومحمومة والابواب موصدة بسبب التعنت العوني غير المسبوق في حياة لبنان السياسية، فكان من الطبيعي جداً ان يرد الرئيس سلام على هذا التعنت بالتهديد بالاستقالة، وتحويل الحكومة إلى تصريف أعمال، ما من شأنه ان يضع الدولة كلها في مأزق أزمة نظام، فضلاً عن انعكاسات كل هذه التطورات على الاستحقاق الرئاسي وعلى المسيحيين الذين يدعي الجنرال عون بأنه إنما يعمل من أجل استعادة حقوقهم المسروقة من الشركاء الآخرين في الوطن ويقصد بذلك تحديداً الطائفة السنية، علماً بأن هذه الذريعة لم تعد تنطلي على المسيحيين بعدما جاهر عون بأنه مستعد لتسهيل الأمور في حال وافقت الحكومة على تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش قبل ان تنتهي ولاية القائد الحالي العماد جان قهوجي، ومن ثم انتخابه هو رئيساً للجمهورية.
مهما كانت النتائج فإن تأجيل الأزمة الحكومية مُـدّة يومين مفيد بكل المعايير ولا سيما منها المعايير الذي يستخدمها عون ومن خلفه حزب الله لإحراج الرئيس سلام وإخراجه كما تدل تصرفاتهما على الأرض، لكن الأمل في تبديل المواقف وتغييرها ضئيل إلى درجة الاضمحلال طالما ان حزب الله هو المستفيد من الوضع المأزوم وما دام عون لا يفكر الا بكرسي الرئاسة الأولى بأي ثمن.