لم يعرف لبنان، في تاريخه، معركة إنتخابية بشراسة وضراوة المعركة الحالية التي تنتهي يوم الأحد المقبل.
ومنتصف الليل انتهى الكلام والبروباغندا الإنتخابيين.
وهكذا: تصمت الحناجر لتتكلّم الصناديق!
هذا هو الوصف الذي ينطبق على ما شهدته الساحة اللبنانية من مواجهات وتحدّيات وإتهامات وإنتقادات وصل الكثير منها الى المباشر والشخصي.
واعتمد الكثير منها النفاق والكذب.
وارتكز الكثير الى الإسفاف وحتى الإنحطاط الأخلاقي.
وبان في الكثير منها كمّ كبير من السطحية والغباء ناهيك بالتسرّع والإرتجال و… الكلام الفارغ.
تكلموا كثيراً.
شتموا أكثر.
بعضهم تحوّل الى «أراجوز» كما يقول المصريون، والى «كراكوز» كما نقول، نحن، في لبنان.
الفاسدون تسربلوا بالفضيلة.
المنافقون الكَذَبة لبسوا مسوح الأتقياء الأنقياء.
السارق شتم الأنوفين.
المرتكب تحامل على الأبرياء.
واللائحة تطول!
غداً يصمت هؤلاء لتتكلم الصناديق. وبعد كلامها ستبيض وجوه وتحمّر وجوه وتسودّ وجوه.
غداً سيعض كثيرون أصابعهم ندامة على كلام قيل وما كان يجب أن يُقال. وعلى مال دُفع وما كان مفترضاً أن يتبدّد. وعلى تحالفات عقدت وما كان يجب أن تعقد. وعلى خناجر طعنت وكان مفترضاً أن تكون في غمدها.
… والمهم أن هذا الضجيج سينتهي. أمّا الأيادي فستظل على القلوب في إنتظار النتائج، وبكثير من القلق. تخوّفاً على المصير الشخصي. حتى الذين يطمئنون الى الفوز هم غير مطمئنين الى النسبة التي سيحصلون عليها، فكم بالحري أصحاب الوضع المهزوز.
غداً سيكتشف كثيرون أن إشراكهم في هذه أو تلك من اللوائح كان لأهداف ومكاسب لم ينالوا منها شيئاً:
بعضهم (وبعضهن) جيء بهم فقط من أجل الديكور.
آخرون جيء بهم من أجل إكمال العدد.
ثالثون جيء بهم من أجل جيوبهم وخزائنهم المليئة.
رابعون جيء بهم من أجل سمعتهم الطيبة وحسب.
وخامسون وسادسون و…
ولقد آن لهذه الهمروجة أن تنتهي… وقد إنتهت!
وآن لهذه الأقنية التلفزيونية أن تتوقف عن إزعاجنا بما لا يوصف من المرشحين أصحاب الطلات البهية، والأفكار النيرة، والعبقريات الفريدة… وقد توقفت فعلاً!
وآن لبعض الصحافيين ومنتحلي الصفة التوقف عن هذا الزحف المهين!
غداً تنتهي هذه الحرب التي أدخلها تطور الإعلام الإلكتروني الى كل بيت، وكل هاتف، وكأنه مفروض باللبنانيين أن يتحملوا هذا الرخّ الماطر عليهم وهم لا يريدون!
غداً تنتهي هذه الحرب (التي قد نكتب قريباً عن إيجابياتها شبه الديموقراطية)… ولكن هل يستريح المحاربون الأساسيون و… المرتزقة أيضاً؟!.