أخيراً، سيكون للبنان اليوم رئيس للجمهورية، وسيتحول رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون رئيسا لكل لبنان، متخليا عن ألقابه السياسية الاخرى لصالح لقب الرئيس، بعد مخاض الفراغ العسير الذي منع من إنتخاب رئيس على مدى 45 جلسة نيابية إلى أن نجح الامر في الجلسة 46. كل المشاهد واللقاءات السياسية والديبلوماسية والشعبية في البلاد تدل على أن البلاد على أهبة الدخول اليوم في العهد الرئاسي الجديد، والتي يمكن إلتقاطها على الصعيد الشعبي من خلال نشر مؤيدي «الجنرال» لصوره ويافطات موقعة بأسماء محبين وبلديات ومؤيدة لإنتخابه على إمتداد الخط الساحلي من كسروان (معقله السياسي والانتخابي) إلى بيروت عاصمة كل اللبنانيين وصولا إلى بلدات بعبدا حيث القصر الجمهوري الذي سيكون مقره على مدى ست سنوات، واصفة إياه بأنه «فخامة العماد نحو الجمهورية» و«عماد الوطن» ومعه «لبنان القوي»، و«رئيسا للجمهورية زعيما للمشرق»، فيما تمركزت على جانبي الطرق «بسطات» تبيع المفرقعات وتوزع أعلام التيار «الوطني الحر» و«القوات» اللبنانية والاعلام اللبنانية تمهيدا للإحتفال باليوم الذي انتظره محبّو عون طويلا.
كل هذا المشهد الكثيف بمدلولاته السياسية والشعبية كان نتيجة أسبوع فقط من اللقاءات السياسية الدسمة، أشعل فتيلها إعلان الرئيس سعد الحريري تأييده لإنتخاب عون رئيسا للجمهورية، وباتت الأمور تتجه إلى حلول سريعة، ووصلت «الثقة» بجلوس «الجنرال «على كرسي بعبدا إلى حد أن نواب تكتل «التغيير والإصلاح» واظبوا (منذ إعلان الحريري تأييد الترشيح) على الحديث عن عناوين العهد الجديد الاجتماعية والاقتصادية والقوانين، والمؤسسات والإدارات والبنى التحتية، وبات الجميع بإنتظار حلول يوم 31 تشرين الأول، أي يوم الانتخاب الموعود، وإنطلقت ورش التحضير لإستقبال الرئيس الجديد في قصر بعبدا ومجلس النواب. ففي القصر الجمهوري لإستقبال ولاية جديدة تزيل عن لبنان التخبّط الذي عاش فيه، بعد انتظار دام سنتين ونصف السنة منذ 25 ايار العام 2014.
فالقصر الذي تعاقب عليه إثنا عشر رئيسا بعد الإستقلال والذي خضع خلال فترة الشغور الرئاسي لسلسلة من التحسينات، عادت التدريبات والتجهيزات في حركة مميزة الى ساحته، تحضيرا لإستقبال الرئيس العتيد، فوضعت المديرية العامة للقصر الجمهوري برنامجاً خصص لإستقبال الرئيس فور وصوله إلى باحة القصر وباتت كل مديرية فيه جاهزة ، لوجستيا وبشريا وتقنيا لمواكبة يوميات الرئيس ، وفي مجلس النواب إنتهت مساء أمس ورشة تحضيرات لوجستية وأمنية وتقنية وبروتوكولية، حيث ستكون الأبصار المحلية والإقليمية والدولية شاخصة اليه والى الحدث الذي سيحصل بداخله والذي لطالما انتظره اللبنانيون.
بالأمس إنتهت ورش الصيانة التي تهتم بنظافة المجلس ومحيطه تحضيراً لليوم الموعود، بدءاً من أعمال تنظيفها لجدران المجلس والدرج الذي سيدخل عبره الرئيس المنتخب الى داخل المجلس من أجل إلقاء خطاب القسم الرئاسي للعهد الجديد، وصولاً الى تقليم الأشجار المحيطة وتنظيف ساحة البرلمان التي ستستقبل التشريفات التي ستؤديها ثلة من حرس المجلس والحرس الجمهوري للرئيس الجديد. وإلى جانب الورشة الخارجية، شهد المجلس ورشة داخلية وجهت فيها الأمانة العامة للمجلس الدعوات الى حضور جلسة الانتخاب للبعثات الديبلوماسية والهيئات الاقتصادية والنقابية والأكاديمية ولممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة المحلية والأجنبية الذين طُلب منهم تسجيل أسماء مراسليهم لحضور الجلسة.
اليوم كل رزنامة الشغور والمبادرات الرئاسية ستطوى في أدراج تاريخ لبنان الحديث، بمجرد أن يعلن بري من على منبر مجلس النواب بأن «الجنرال « حصل على نسبة الاصوات المطلوبة التي تؤهله للدخول إلى قصر بعبدا رئيسا ويحقق هدفا لطالما سعى للوصول إليه.