«ليك وين بعدن»! مجدداً يتذكّر الأميركيّون نزع سلاح حزب الله أربعة عشر عاماً مضت على القرار 1559 والذي كان من المفترض أن ينهي مأساتيْن لبنانيتيْن الأولى، مأساة الاحتلال السوري وقد خرج جيش الاحتلال السوري من لبنان في العام 2005، والثانية مأساة سلاح الميليشيات الذي يمنع قيام الدولة اللبنانيّة.
مشروع قانون من خمسة أقسام تقدّم به عضوا الكونغرس الأميركي توم سيوزي وآدم كينزينغر يدعو إلى نزع سلاح حزب الله، وفق آلية متكاملة، بدءًا بفتح تحقيق لتخمين الحزب وترسانته العسكرية، والوسائل غير المشروعة التي يستخدمها لشراء الأسلحة، وانتهاءً بإشراك الحكومة اللبنانية في تأمين حدودها من الناحية التكتيكية، بعد نزع سلاح الحزب، وأطرف ما في مشروع القانون هذا أنّه «يطلب من الاستخبارات الأميركية وضع تقرير تقديري عن حزب الله، يتضمن احتساب ترسانته الصاروخية وتقويم نجاح مهمة اليونيفيل وتقويم القدرات التكتيكية للحزب، ووصف تفصيلي لمسارات الإمداد المستخدمة في شراء الأسلحة، وتقدير العمليات الدولية التي تدعم شبكة حزب الله، وتحديد تأثير تدخل الحزب في صراعات الشرق الأوسط، وذلك في إطار خطوات القانون الرامية إلى نزع السلاح، واتباع الوسائل اللازمة للتأكد من تطبيق القرار، في حال إقراره».
«ليك وين بعدن الأميركان»، مع أنّ ممثّلة الولايات المتحدة الأميركيّة في الأمم المتحدّة السفيرة نيكي هايلي «صرّخت حتى شبعت» العام الماضي في كلمتها أمام جلسة لمجلس الامن خصّصت للبحث في أوضاع الشرق الاوسط قالت بالحرف «حزب الله منظمة إرهابية تنشر أفكارها المسمومة بدعم من إيران، وأنّ إيران دولة راعية للإرهاب»، ودعت إلى ممارسة الضغوط على حزب الله لنزع سلاحه والكفّ عن سلوكه المزعزع للاستقرار، وفي الواقع ليس هناك ضغط ولا من يضغطون!
ما الذي يستدعي هذه «اللفّات البرمات» الأفعوانية الأميركيّة، أليست هذه القوانين والإعداد لها مضيعة للوقت، لماذا لا يذهبون مباشرة إلى تطبيق القرار 1559 الصادر بإجماع الدول الخمسة عشر في مجلس الأمن، وكلّ القرارات التي لحقته، فجأة تذكّر أو انتبه الأميركيون «ثبوت تهديد حزب الله للمصالح الأميركية وأمنها، بتدخله المسلح في اليمن والعراق وسوريا»، «ولك صحّ النوم»!
واحدة من أهم وأبسط معادلات الهندسة الرياضيّة أنّ أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، وهو هنا القرار 1559، لقد نسي حزب الله القرار 1559 والقرار 1701، ونسي بالتأكيد مقدّمة القرار 1701 التي ذكّرت «بقراراته (مجلس الأمن) السابقة حول لبنان لا سيما القرارات 425 (1978)، 426 (1978)، 520 (1982)، 1559 (2004)، 1655 (2006) و1680 (2006)، و1697 (2006)، وكذلك ببياناته الرئاسية حول الوضع في لبنان ولا سيما منها تلك الصادرة في تاريخ 18 حزيران العام 2000 و19 تشرين الأول العام 2004، و4 أيار العام 2005، و23 كانون الثاني العام 2006، و30 تموز العام 2006، لذا تضييع وقت لبنان بمشروع قانون من الكونغرس الأميركي لا جدوى منه، لأن قرارات مجلس الأمن أقوى وأهم بكثير من قرارات الكونغرس الأميركي!
لا جَلَد للبنان واللبنانيين بتَرَفِ الكونغرس ومشاريعه، فحتّى ينهي الجماعة استقصاءاتهم المخابراتية، ستكون بضعة عواصم عربيّة أخرى سقطت في القبضة الإيرانيّة الخبيثة عبر ذراعها العسكري الدولي حزب الله!