IMLebanon

في نهاية «الأسطورة»

 

فعلاً، كانت أسطورة اسمها سجن رومية. وفرادتها أنها كانت «متآخية» مع الوضع اللبناني العام، أي أنها ألغت الفواصل المألوفة بين السجن وخارجه! ولم تُبقِ من وظيفة للحيّز الجغرافي المقصود لفعل العقاب إلا الحصر داخل الجدران.

أمكن على مدى السنوات الماضية تركيز دعائم تلك الأسطورة على أيدي أصحابها من الإسلاميين المدانين والموقوفين، وبطريقة إعجازية، وصولاً الى جعل أي محاولة نظامية لإعادة الاعتبار لمفهوم السجن وإلغاء تلك الحالة الغريبة، أمراً حسّاساً تبعاً للحالة العامة القائمة خارج جدران ذلك السجن!

وكان لا بد للمفارقة، تبعاً لذلك، إلاّ أن تنفجر في اللحظات الحاسمة: صار الأمن الوطني اللبناني سجيناً لإرادة هؤلاء وليس العكس! وصار مَنْ في السجن يُحدّد مقدار حرية وحركة من هم خارجه! وصار الوضع العام محكوماً بمقدار نزق تلك الجماعات وأجندتها، والتي تبيّن أنها أجندة عَدمية لا تتورّع عن ترجمة عدميتها بالإرهاب الخالص.

وأغرب ما في تلك الاسطورة، أنها مكّنت عدداً محدداً من السجناء، من خطف الباقين داخل الأسوار. ثم «طوّرت» جهد هؤلاء باتجاه من هم خارجه. ومن اللعب على الالتباس المتأتي من ترك بعض الموقوفين من دون محاكمة ولفترات طويلة، الأمر الذي سبب ولا يزال يسبب توترات أغلظها سطوع مفهوم الظلم المرادف لاحتمال معاقبة بريء!

ما فعله الوزير نهاد المشنوق، أو أشرف عليه، بيّن أن تلك الاسطورة قابلة للكسر. وأن إنهاء الربط الابتزازي بين تنظيم شؤون السجن وإنهاء الدويلة الأصولية القائمة فيه، وبين الشأن اللبناني العام (السياسي والطائفي والمذهبي والأمني) أسهل بكثير من البديل، أي من ترك تلك الحالة على ما هي عليه وصولاً الى إشراف أصحابها على تنفيذ اعتداءات إرهابية والتناغم التام مع الحالة المتأتية من خطف العسكريين في منطقة القلمون السورية.

خطوة إجرائية تصليحية كبيرة، ما كان ممكناً ربما أن تُتخذ لولا المصيبة التي وقعت في جبل محسن. لكن مع ذلك، يُحفظ لوزير الداخلية الشجاع أنه عرف تماماً اللحظة المناسبة للتحرك ولم يُضيّع الفرصة. وهي في كل حال «فرصة» لم تكن واضحة وناضجة في الفترة السابقة.. ويُقال ذلك، فقط كي يُحفظ لكل صاحب حق حقّه!