IMLebanon

عطالله يستذكر 14 آذار… وهذه نصيحته للثورة

 

“14 آذار” ذاك اليوم التاريخي الذي خرج فيه الشعب من المنازل وزحف إلى ساحة الشهداء بعد مرور شهر على استشهاد الرئيس رفيق الحريري مطالباً بالحرية والسيادة والإستقلال ومعرفة الحقيقة في جريمة العصر. 15 سنة مرّت على ذكرى “14 آذار”، يومها راهن الشعب اللبناني على أن خروج جيش الإحتلال السوري سيؤسس للبنان دولة عادلة سيّدة مستقلة يحلم بها كل مواطن، لكن تخاذل قيادات “14 آذار” والضربات التي تلقتها من “حزب الله” والمحور السوري – الإيراني ساهمت في ضياع الحلم، إلى أن أتى يوم 17 تشرين 2019 لينزل الشعب إلى الشوارع وإن كان بعناوين غير سياسية مطالباً ببناء الدولة وتحقيق ما عجزت “14 آذار” عن تحقيقه. الياس عطالله رئيس حركة “اليسار الديموقراطي” كان من أبرز وجوه تلك المرحلة، عُرف بمواقفه في مواجهة مشروع الدويلة وعدم دخول “14 آذار” في منطق المحاصصة، يجلس اليوم بعد مرور 15 سنة على ذاك الحدث “الجلل” ويتأمّل في الماضي ويقرأ في ما قد يخفيه المستقبل، في بلد يعتبره أنه محتل من قبل “حزب الله” والمحور الذي يمثّله.

 

يعود عطالله في حديث لـ”نداء الوطن” إلى ذكريات تلك المرحلة واللحظات التي عاشها، حيث قصده السفير جيفري فلتمان وسفراء بريطانيا وفرنسا وعدد من سفراء الدول العربية، محذرين من أن دعوتهم إلى تظاهرة شعبية في “14 آذار” رداً على تظاهرة “8 آذار” لن تأتي بثمارها لأنهم غير قادرين على الحشد، لكنهم رفضوا إلغاء التظاهرة ودعوا إلى تجهيز الساحة وتأمين المستلزمات الضرورية للمتظاهرين، وكان الحشد الشعبي في يوم “14 آذار” حيث ذُهل العالم بإرادة الشعب بالتحرّر.

 

لحظة تاريخية

 

يرى عطالله أنه في تلك اللحظة لم تكن هناك قيادة موحّدة بل كانت هناك شخصيات لعبت دورها، فعلى سبيل المثال كان الدكتور سمير جعجع في السجن والعماد ميشال عون في المنفى وتيار “المستقبل” لم يفرز قيادته بعد استشهاد الحريري، وكان من يوجه الرأي العام هم البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” ولقاء “قرنة شهوان” وشخصيات مستقلة، لكن الأكيد أن الشعب هو من صنع “14 آذار” ولم نستطع الحفاظ على ذاك الإنجاز. لا ينسى عطالله الإجتماعات التي كانت تعقد في مقر حركة “اليسار الديموقراطي” في أيام الثورة وبعدها، وأسسنا هيئة التنسيق وعندما عُرض علي استلامها رشّحت الدكتور فارس سعيد ليصبح لاحقاً منسق الأمانة العامة، والسبب في رفضي تولي هذه المهمة لأن المنسق يجب أن يكون رجلاً ديبلوماسياً بينما أنا كنت مصرّاً على اتخاذ مواقف متقدّمة وعالية السقف.

 

وعلى رغم اليأس الذي ضرب جمهور “14 آذار”، لكن عطالله لا يقلل من قيمة الإنجازات في تلك المرحلة وكان أبرزها خروج جيش الإحتلال السوري وتشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لكن هناك عوامل أدت إلى إجهاض الإنجازات.

 

أخطاء القيادة

 

ويعتبر عطالله أن “الحق لا يقع فقط على “حزب الله” بل نحن نتحمل المسؤولية، فلم نكمل ثورتنا ودخلنا في الحلف الرباعي وغلّبنا منطق المحاصصة وتقاسم السلطة والمناطقية على مشروعنا الأكبر، إلى أن استغل “حزب الله” ضعفنا وعدم إكتراثنا باستغلال اللحظة التاريخية وقام بالإنقلاب، وذهبنا لاحقاً إلى “إتفاق الدوحة” ووقّع قادة 14 آذار على إتفاق يضرب “الطائف”.

 

يهاجم عطالله بشراسة أخطاء القيادة في تلك المرحلة، معتبراً أن “بعض قادة الأحزاب خافوا من هذا المدّ الشعبي وخروج بعض المناصرين عن سيطرتهم وطرحهم شعارات وطنية جامعة، فعادوا إلى اللعبة التقليدية والدخول في أحلاف أدّت إلى ضياع الثورة، فيما الرهان على العماد عون كان في غير محلّه، فهو لديه علاقات مشبوهة منذ أن تولّى الحكومة العسكرية العام 1988 وحكمه جلب الويلات، وفور عودته إلى لبنان لم يمشِ في مشروع 14 آذار”.

 

يراهن عطالله على وعي الشعب اللبناني، ويشدّد على أن “ثورة 17 تشرين إستفادت من تجارب 14 آذار، فكانت ثورة شعبية وليست محصورة بمنطقة واحدة وهدمت الحدود بين المناطق، لكن على الثورة أن تُحدد وحدة الهدف والوسيلة، إذ إن ضياع الأهداف وعدم الإتفاق على الطريقة التي يتم الوصول إليها سيؤديان الى ضياع الأهداف”.

 

متابعة المشوار

 

ويدعو عطالله ثورة “17 تشرين” إلى “إكمال مشوارها من حيث وصلت “14 آذار” بدل البدء من جديد، لأنه لا يمكن تحقيق حلم الدولة والعدالة في ظل وجود جيشين وسلاحين وسلطتين، وميليشيا مسلّحة تقاتل أينما تشاء، وبالتالي فإن الأولوية يجب أن تكون لإستعادة قرار الدولة وعندها يتمّ إصلاحها”. ويؤكّد أن “حزب الله بات غير قادر على القضاء على ثورة 17 تشرين لأنها تشمل كل المناطق وتتوسّع، وبات الشعب واعياً لما يريده ولا يمكن للحزب حبسه، خصوصاً انه يتحمل الجزء الأكبر مما وصلت إليه البلاد من عزلة وقطع علاقات لبنان بالدول الصديقة وتعميم النموذج الإيراني ومحاولة نقله إلى لبنان”. ويتمنى “على شباب الثورة الإستفادة من خبرات من سبقوهم، و”الدرج يشطف من فوق”، وبالتالي لا يمكنهم القول إن ثورتنا هي إجتماعية وإقتصادية فقط، بل هناك مطالب سياسية على رأسها الإنتهاء من حالة “حزب الله” الشاذة ومن ثم تحقيق الإصلاحات المطلوبة وإلا سيبقى “الحزب” في المرصاد لكل مشروع إنقاذي وإصلاحي، كما أنه يجب توحيد الساحات وتحديد نقطة ضغط واحدة كي تنجح التجربة”.

 

مستقبل “الحركة”

 

وبالنسبة إلى مستقبل حركة “اليسار الديموقراطي” التي كانت من ابرز حركات “14 آذار”، يشير عطالله إلى أن “شباب الحركة موجودون في ساحات الإحتجاجات الشعبية لكنهم لا ينزلون تحت شعارات حزبية”، ويلفت إلى أنه مصرّ على تسليم قيادة الحركة إلى جيل الشباب، فهو مصرّ على عدم الترشح مجدداً وإفساح الساحات لطاقات شابة جديدة لكي تتجدّد الحركة ويدخل دم جديد إلى الحياة السياسية. ويشدّد على ان “الحركة تمثل اليسار الجديد وليس اليسار الحديدي، والدليل نزول اليساريين في كفررمان وتحديهم كل سلطة الأمر الواقع، فيما من يعتبر نفسه شيوعياً ويسارياً وهو إلى جانب مشروع “حزب الله” لا يمثل اليسار لأن “الحزب” يمثل أصولية متطرفة لا يجمعنا معها شيء، حتى عنوان المقاومة قد سقط وها هو يقاتل في إدلب واليمن والعراق ويجر الويلات على لبنان”.