في الوقت الذي أدى الجيش اللبناني دوره في الحفاظ على استتباب الأمن في كل المناطق اللبنانية منذ السابع عشر من الشهر الماضي، حيث وفر أجواء السلامة لكل اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات، وكذلك الأمر لبقية المواطنين على طول مساحة الوطن، فاستحق الثناء والتقدير من الداخل والخارج، يبدو بوضوح أنّ هناك من لم يرق له هذا الأسلوب الراقي الذي التزمته المؤسسة العسكرية مع أبناء شعبها الذين ثاروا على هذا الواقع المزري، مطالبين بالتغيير والقضاء على الفساد، فقام بشن حملة شعواء مستنكرة ومدانة على قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي استطاع أنّ يبرهن على رأس القيادة العسكرية، عن مقدرة فائقة في التعامل مع التطورات التي شهدها لبنان على مدى أكثر من شهر، بحيث جنب البلاد الدخول في منزلقات الفتنة البغيضة، وساهم من خلال تمرسه في المسؤولية العسكرية، في إبقاء لبنان بمنأى عما يحصل من حوله، حيث يستعمل الجيش الذخيرة الحية ضد أبناء شعبه، كما هي الحال في العراق وإيران وغيرهما.
في معرض قراءته للحملة التي تستهدف الجيش وقائده، يشير مصدر سياسي بارز، إلى أن «ما يتعرض له العماد عون من قبل قوى الثامن من آذار، ليس له علاقة بانتخابات الرئاسة الأولى، وإنما لأن الجيش ومصرف لبنان هما المؤسستان الوحيدتان في داخل لبنان اللتان تتمتعان حتى هذه اللحظة بعلاقات مميزة مع النظام العالمي، وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإنه من خلال الضغط على هذه المؤسسات، يظنون أنهم سيستدعون حنين الولايات المتحدة حتى تتحاور معهم». ويضيف: «الولايات المتحدة لم تتكلم معهم حتى بعد قصف منشآت شركة أرامكو في السعودية، فكيف يمكن أن تتكلم معهم في هكذا موضوع؟».
ويشير المصدر، إلى أن «الحملة على هاتين المؤسستين لأنهما تعملان بالتنسيق مع واشنطن وتحديداً علاقات الجيش اللبناني الممتازة مع الادارة الاميركية، كما أن القطاع المصرفي اللبناني، هو جزء من النظام المصرفي العالمي المالي، ولا يمكن أن يخرج من هذا النظام، ما يعني بوضوح أنّ الضغط الذي يمارسه «حزب الله» وحلفاؤه على هاتين المؤسستين، مرده إلى العلاقات التي تجمعهما مع المجتمع الغربي، مشدداً على أنه وفي الوقت الذي يقول السيد حسن نصرالله بالتوجه إلى الصين، فإن هذه المؤسسات لا تزال تنظر إلى البحر الأبيض المتوسط».
ويلفت إلى أن «ما يربط المؤسسة العسكرية بالمجتمع الدولي، يتجاوز موضوع المائة وخمسة ملايين دولار أميركي. فالجيش اللبناني هو جزء من منظومة عسكرية عالمية لمكافحة الارهاب، معتبراً أن مقولة الجيش هو الحل، ربما تصح في الخرطوم، في الجزائر أو ليبيا أو مصر، أما في لبنان فهذا مستبعد».
ويشدد المصدر الذي تحدث لـ«اللواء»، من العاصمة الفرنسية باريس، على أنّ «الوضع الحكومي، ووفقاً لمعلوماته مقفل، بمعنى أنّ المعادلة أصبحت واضحة : لا حكومة دون حزب الله ولا حكومة دون سعد الحريري، وهذا يعني أنّ لا حكومة»، كاشفاً أنه «ليس هناك أي تحرك فرنسي جديد تجاه لبنان، بمعزل عن الترتيب العام في المنطقة». وقال: «المعركة أصبحت واضحة. لبنان من ضمن المساحة التي تقع في إطار الاشتباك الأميركي الإيراني».
ويؤكد المصدر، أن «حزب الله لن يذهب باتجاه حكومة من لون واحد، بالنظر إلى محاذير هذه الخطوة، مرجحاً نهاية عهد الرئيس ميشال عون دون حكومة، بمعنى أنه بعد سقوط الحكومة وإسقاط مجلس النواب، يبقى القصر الجمهوري حيث تنظر إليه العيون السياسية، فإما أنّ يقوم عون بدور الحكم من أجل إنقاذ لبنان من عنق الزجاجة، وتشكيل حكومة تأخذ بعين الاعتبار الهواجس، أو يفقد رئيس الجمهورية دوره الوسيط الرئيس وعندها سيسقط حكماً».