فصول الاعتداءات المباشرة على الليطاني وآلاف الأهالي المستفيدين من مياهه مستمرّة، رغم كل الإجراءات التي قرر مجلس الوزراء اتخاذها في سبيل تنظيف النهر ومعاقبة المعتدين
إضافة إلى مهامه الأساسية، عيّن المدعي العام البيئي والمحامي العام الاستئنافي في النبطية، القاضي نديم الناشف، مستشاراً قضائياً لدى المديرية العامة لأمن الدولة. هذا القرار الجديد، جاء بعد أن كلّف مجلس الوزراء جهاز أمن الدولة بمتابعة الاعتداءات على نهر الليطاني بدلاً من قوى الأمن الداخلي، “منعاً للتجاوزات غير القانونية التي كانت تحصل خلال السنوات الماضية، والتي لم تفلح القوى الأمنية المكلفة حينها بضبط المخالفين ومحاسبتهم بسبب التدخلات المعروفة”.
تعطيل ضخ المياه
أكثر من 7 سنوات من الاعتداءات المستمرة لأصحاب المرامل، على مياه النهر، التي تؤدي إلى تلوث هذه المياه وعدم إمكانية ضخها إلى المنازل. وفي كل فترة يجد الموظفون العاملون في محطة ضخ المياه في بلدة الطيبة أنهم ملزمون بوقف الضخّ إلى حين تنظيف المياه وتنظيف مصافي “مشروع الطيبة” من الأتربة والنفايات المختلفة، وبالتالي التوقف عن جرّ المياه إلى أكثر من 52 بلدة وقرية في الجنوب، كل ذلك بسبب “الرمال والأتربة التي تتجمّع قرب محطة الضخّ الرئيسية في نهر الليطاني”.
قبل أسبوعين أعلنت حالة الطوارئ مجدداً في مشروع الطيبة، ووجه عدد من الموظفين نداءً إلى “أصحاب الضمائر الحية، نناشدكم بالتدخل لوقف مسلسل غسل الرمال… أما آن الآوان لمنعهم من الاعتداء على البيئة وصحة المواطنين؟”.
يستنكر أحد هؤلاء الموظفين أن “الأجهزة الأمنية استطاعت كشف المجموعات الإرهابية ولم تستطع معرفة أسماء مالكي المرامل؟”، لافتاً إلى أن المياه التي يمكن ضخها بسبب هذا التلوث لا تكفي حاجة ربع المشتركين.
في الصيف الماضي، رفعت بلديات بنت جبيل ومرجعيون عن كاهلها عبء مطالبة الأهالي بإيصال مياه النهر القريب إلى منازلهم في شهر الجفاف. فأرسلت نعيها عبر رسائل الـ(sms) التي جاء في مضمونها “نحيطكم علماً بتعطل مضختيّ المياه في نهر الليطاني، بسبب الرمال والأوساخ، ولا وقت محدد لحل هذه الأزمة، لأن إجراءات الصيانة معقدة”، الأمر عينه يتكرر كل صيف.
أصحاب المرامل غير آبهين
هنا في أسفل الوادي، شمال بلدة الطيبة، تعبر مياه نهر الليطاني، في المكان الذي شيّدت فيه محطة حديثة، تتجمّع الرمال بكميات كبيرة، ويعمل عدد من العمال يومياً على إزالة ما تيسّر منها، وبعد أيام تعود المشكلة عينها. “أنهم أصحاب المرامل، يتوقفون فترة ثم يستغلون أوقاتاً محددة، مثل هطول الأمطار، كما حدث منذ أسبوعين، أو صيام الناس وعدم توجههم إلى النهر، فيشغلون مراملهم ويرمون أوساخها في النهر دون الاكتراث لكل الدعاوى القضائية الموجهة ضد بعضهم”، بحسب مصدر في مصلحة المياه، “الأمر الذي يحتاج إلى وقت طويل وعمل مستمرّ، ويؤدي في كل مرة تتوقف فيها الأمطار عن الهطول إلى منع ضخّ المياه لعدة أيام”. ويشير إلى أن “محطة الضخّ تم تزويدها بساعة تقيس نسبة التربة والأوساخ في المياه، والتي وصلت مؤخراً إلى نحو 80%”، ويؤكد أن “المحطة لا يمكنها ضخّ المياه إلاّ إذا تدنّت هذه النسبة إلى 20%”.
موقف البلديات
يشير رئيس اتحاد بلديات جبل عامل، علي الزين، إلى أن “اللجنة الوزارية المصغرة اتخذت قرارين مهمين خلال الأيام الماضية، الأول شراء مولد كهربائي كبير لمحطة تكرير زحلة، لخدمة 250 ألف مواطن، وهو لتأمين الطاقة اللازمة لتكرير مياه الصرف الصحي قبل وصولها إلى النهر، والثاني إعطاء مهلة شهر لكل أصحاب المصانع في بعلبك لمعالجة أوضاعهم القانونية، وبالتالي الانتهاء من المشكلات الناجمة عن هذه المصانع”، لافتاً إلى أن “65% من الاستراحات العاملة قرب النهر التزمت بالشروط القانونية الخاصة بتصريف مياه الصرف الصحي، وقد صدر قرار من اللجنة الوزارية المصغرة بتكليف جهاز أمن الدولة لمتابعة ملف المرامل؟”. تجدر الإشارة أن اتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل اتفقا مع وزارة التنمية الإدارية على إنشاء معمل كبير للنفايات بتمويل الاتحاد الأوروبي، بكلفة 3 ملايين دولار، بهدف استيعاب كل نفايات المنطقة والتخلص من محارق النفايات. وفي موضوع الآبار الارتوازية التي تم حفرها في محمية الحجير أكد الزين أن” الآبار الارتوازية التي يتم حفرها في الحجير هي غير قانونية وبدون تراخيص، بل يتم حفرها بتغطية من وزارة الداخلية أو القوى الأمنية، وهذا أدى الى مشاكل في المياه الجوفية، وعلى الأرجح أنه كان سبباً رئيسياً في جفاف نبع الحجير”. ويشير أحد العاملين في مصلحة الليطاني إلى أن “أكثر المرامل التي أدت إلى منع ضخ المياه الى الأهالي، تقع في منطقة الريحان وعرمتا، وبعضها خارج المخطط التوجيهي لمحمية الحجير، لكنها ملاصقة للنهر، أحدها على ضفة النهر مباشرة”. ويذكر الزين أن صاحب أحد المرامل قال له إن “عناصر من القوى الأمنية أوقفوا المرملة عن العمل، واصطحبوه معهم، فاتصل بأحد المسؤولين، ما جعل عناصر القوى الأمنية يرافقونه الى المرملة التي يعمل فيها، وأصبح في حمايتهم”.