IMLebanon

فذلكة» بري والسنيورة لميثاقية من دون المسيحيين

استمرار المشاورات حول موقف القوى المسيحية من الجلسة التشريعية يقابله تمسك المستقبل والرئيس نبيه بري بميثاقية مبتورة. حتى الآن ما هو ثابت ان الاحزاب المسيحية الثلاثة لا تزال ترفض حضور الجلسة، فيما عدل المستقبل رأيه في اتجاه المشاركة

ما الذي يدفع تكتل التغيير والاصلاح الى المشاركة في الجلسة التشريعية التي دعا اليها الرئيس نبيه بري؟

هذا السؤال تردد امس، بعدما اشيعت اجواء اوحت بايجابيات يمكن ان تنتج عن الاتصالات الجارية، لاقناع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بالمشاركة في الجلسة، بعدما لبي مطلبه بطرح استعادة الجنسية وتوزيع الاموال على البلديات، ولو لم يوضع قانون الانتخاب على جدول الاعمال، من اجل اقرار التشريعات المالية.

واذا كان موقف حزب الكتائب واضحاً دستورياً في رفض التشريع في ظل الشغور الرئاسي، لا تزال القوات اللبنانية على رفضها المشاركة بسبب تغييب قانون الانتخاب. وهذا ما كان مساء امس مدار بحث في معراب بين رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والنائب ابرهيم كنعان، علما ان التيار والقوات لم ينفيا اهمية التشريعات المالية الواجب اقرارها.

لكن الجواب المسائي كان حاسماً، سواء عبر ما قاله النائب ابرهيم كنعان او وفق المعلومات التي رشحت عن اللقاءات المسائية واستمرار الاتصالات مع التيار. فالتيار مستمر على موقفه الاساسي، وهو بحسب كنعان من اخترع فكرة تشريع الضرورة، ولم يحصل اي تغيير في موقفه. لن يشارك التيار في الجلسة التشريعية ما لم تحترم كل البنود التي تعيد تكوين السلطة، لان الازمة الحالية ازمة سياسية لا ازمة حياتية ومالية موقتة. لن يشارك التيار في الجلسة اذا لم يوضع قانون الانتخاب على جدول الاعمال، لأن القوانين التي يطالب بها هي قوانين تعني جميع اللبنانيين لا المسيحيين وحدهم.، لكن التيار لم يوصد الباب امام استمرار الاتصالات من اجل ادراج قانون الانتخاب على جدول الاعمال. وكل ما يقال او يشاع عن توجهه منفردا من دون القوات الى الجلسة لا صحة له وهو مجرد ايحاءات مغلوطة.

ووفق معلومات «الاخبار» فان اتفاقا واضحا بين التيار والقوات على الذهاب معاً الى المجلس او عدم المشاركة معا «لان الاستهتار بالمصالح الوطنية والاولويات الوطنية، مرفوض مسيحيا رفضا مطلقا».

وفق ذلك ماذا سيكون مصير الجلسة؟

ليس خافيا ما حصل في الايام الماضية من ضغط سياسي تحت عنوان مالي لاظهار اهمية عقد جلسة تشريعية، وخصوصاً في ظل اصرار واضح من الرئيس نبيه بري على عدم تعطيل «المالية العامة» تحت ادارة الوزير علي حسن خليل. ولا شك في ان التقاطع بين بري وخليل والرئيس فؤاد السنيورة في المواقف من القضايا المالية، في ظل ما يحكى عن تنسيق بين وزيري المال الحالي والسابق، يثير اسئلة لدى سياسيين عن سر العناوين المالية التي تحولت فجأة ضرورات ملحة، كرواتب العسكريين والتشريعات المالية ودخول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على الخط ايضا في تأكيد اهمية اقرار القوانين المالية قبل نهاية العام الجاري، في حملة متوازية من اجل الدفع في اتجاه عقد جلسة لمجلس الوزراء وجلسة تشريعية.

وفيما اخرجت فذلكة السنيورة رواتب العسكريين من التجاذب السياسي بعدما ايقن من كان وراء الفكرة ان الازمة ستخلق مفاعيل عكسية، الا ان الفذلكة السياسية لبري وللسنيورة معا نجحت حتى الان في ايجاد مخرج للتغطية المسيحية للجلسة التشريعية، بعدما كان السنيورة قد ابلغ شخصيات مسيحية ان المستقبل لن يشارك في جلسة تشريعية من دون حلفائه المسيحيين، ليفاجأ هؤلاء بانقلاب موقفه مع عدد من نواب المستقبل الذين بدأوا امس حملة مزايدات سياسية دفاعا عن التشريع المالي واهميته وضرورة المشاركة في الجلسة، ولو غاب عنها حليف المستقبل اي القوات والقوى المسيحية الاساسية. ليتطور الموقف في الساعات الاخيرة الى صدور تأكيدات من جانب قوى المستقبل وقوى 8 آذار والنائب وليد جنبلاط بأن النواب المسيحيين الممثلين في الكتل النيابية للاطراف الثلاثة سيؤمنون الميثاقية بحضور مسيحي معترف به.

واذا كان النائب سليمان فرنجيه وحده من القادة المسيحيين الاربعة قد وافق على حضور الجلسة التشريعية، فالسؤال يكمن في ما اذا كان حضور مسيحيي الكتل الثلاث معطوفا على حضور المسيحيين المستقلين، يغني فعلاً عن حضور القوى المسيحية الرئيسية من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب؟ وهل نواب الكتل التي ابدت نيتها حضور الجلسة التشريعية هم الذين يغطون فعلا الميثاقية المطلوبة؟ وهل هؤلاء فعلا هم الذين يمثلون اصوات المسيحيين ومعظمهم ينتمي الى كتل غير سنية ودرزية وشيعية؟ علما ان حسابات سياسية اصبحت امس قيد التداول عن مرحلة ما بعد الجلسة التشريعية إذا حضر هؤلاء النواب المسيحيون بخلاف رغبة الاحزاب المسيحية الثلاثة، وانعكاس ذلك على اي تفاهمات وتحالفات انتخابية مستقبلا، وهذا الامر لا يعد تفصيلا في حسابات النواب ولا سيما في بعض الدوائر الحساسة.

لكن السؤال الملح يكمن في معرفة مصلحة بري في الذهاب الى تحد حقيقي مع الشارع المسيحي، في مرحلة حساسة داخليا، بعقد جلسة نيابية وفق النموذج المقترح، علما ان بري الذي يذهب بحسب مصادر سياسية مطلعة الى كباش حقيقي مع عون يعرف تماما ان شد الحبال مع عون امر والذهاب الى توسيع مروحة خصومته السياسية مع القوى المسيحية الثلاث امر آخر. واي مجازفة من هذا النوع تعد «مخاطرة» كبيرة يقدم عليها رئيس المجلس. وعارفو بري يراهنون على انه في اللحظات الاخيرة لن يخطو خطوة من هذا النوع الاستفزازي.