IMLebanon

المحاولة العاشرة في الذكرى العاشرة

للمرة العاشرة تستعد قوى «14 آذار» لإعادة قراءة تجربتها، وها هي اليوم بهمّة منسّق الأمانة العامة فارس سعيد، وبقلم منظّرها التاريخي سمير فرنجية تُحضّر لورشة عملها العاشرة، بعد عشر سنوات على ولادتها.

إذا كان الاحتفاء بـ«14 آذار»، في كلّ ذكرى سنوية يتّخذ شكلاً مختلفاً، مرّة في «البريستول» على شكل ورشة عمل، ومرّة في ساحة الشهداء على شكل ورشة شعبية، فإنّ بداية شباط من كل عام كانت تشهد النقاش نفسه، الذي ما كان يلبث أن ينتهي عادة في 15 آذار، بتكرار الاجترار نفسه، تكرار هو الوجه الآخر لعَجز أكبر من قدرة هذه القوى على مواجهته، لكنّ هذه السنة سيكون للأمر طابع مصيري، في مسألتين: توحيد الرؤية السياسية لقوى «14 آذار» إزاء ما يحصل في لبنان والمنطقة، وتالياً محاولة الخروج بصيغة تنظيمية، طرحتها الامانة العامة، وأحبطتها قوى «14 آذار» الحزبية.

قدّم سعَيد للرئيس سعد الحريري تقريراً هو أشبَه بخطة عمل، لإحياء دور «14 آذار»، يتضمّن ثلاث مراحل: توثيق الذاكرة منذ عشر سنوات الى اليوم، نظرة تقويمية للمراحل التي قطتعها قوى «14 آذار»، ورؤية لتوحيد القراءة السياسية واقتراحات تنظيمية.

هذا التقرير يفترض البدء بمناقشته، في خلوات عمل بدأت فعلاً. وستتحدّد بعد النقاش، طريقة الخروج بخلاصات عبر مؤتمر سينعقد لهذه الغاية بمشاركة الاحزاب الرئيسة، والمستقلين، ولدى أكثر من جهة في «14 آذار» انطباعاً بأنّ نتيجة هذه المشاورات ستصبّ في النهاية في حتمية الوصول الى وثيقة سياسية، تُجدّد مشروع «14 آذار»، وتعيده لاعباً رئيساً، بعدما أفقدته تطورات السنوات الماضية، بما شهدته من انكفاء ذاتي.

لكن كل هذا التفاؤل يبقى تحت المجهر بسبب فشل التجارب السابقة، خصوصاً منذ العام 2009 وحتى اليوم، في استعادة روحية 14 آذار 2005، التي أنهكتها الاجندات الضيقة، والخلافات على القانون الأرثوذكسي ومبادرة «السين السين»، والانتخابات الرئاسية التي لا يوجد لقوى «14 آذار» رؤية موحّدة حولها.

التحضير لورشة «14 آذار» لا يترافق هذه المرة مع ضخّ إعلامي مبالغ فيه، تفادياً لرفع سقف التوقعات. فالجميع يعلم أنّ إمكان إحداث صدمة ايجابية توقِظ قوى «14 آذار»، يبقى مجرد احتمال، ذلك على رغم تفاؤل سعَيد، الذي يعتبر كالعادة في مثل كل عام، أنّ حلول ذكرى «14 آذار» فرصة ثمينة لإعادة إحياء دورها المغيّب.

في «14 آذار» ثمّة من يرى أنّ الاستمرار في هذا الغياب غير المبرّر بأيّ سبب، سيؤدي عملياً الى وعكة سريرية طويلة الأمد، وتقتضي المصارحة داخل الجدران الضيقة، وبين المعنيين والمؤمنين بدور «14 آذار» في إنقاذ لبنان، بالقول إنّ عشر سنوات من هذه التجربة تستأهل أن توضَع أولاً تحت المجهر، وأن يتمّ تقويم ما تمّ إنجازه، وهذا ما يجري الآن، لكنّ الأهم استخلاص التجربة، والانطلاق منها لاستكمال معركة الانقاذ.

في التقرير الذي أعدّه سعيد، نقد ذاتي موجز، ولكنه معبّر، وخطة عمل مفصّلة، واستعداد لانعقاد المؤتمر العام لـ»14 آذار»، على ان يتم الاتفاق على المكان. هذه الخلاصات التي وردت في التقرير، هي الوجه الآخر لِما يطالب به ناشطون ومستقلون وقواعد حزبية، سئموا هذه المراوحة. هؤلاء يرفضون الاستسلام لمقولة إنّ هذا التحالف الذي وُلد بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وثورة الاستقلال، قد أدى قسطه الى العلى.

هم يريدون مشهداً مختلفاً في 15 آذار 2015، لا تبرير فيه للفشل، ولا تكرار فيه للبيانات الاسبوعية البليدة. فعلى رغم النيات الحسنة، والجهود الجبّارة، التاريخ سيهمل من سيكتفي بالاختباء وراء شعار: «اللهم أشهد أنّي قد بلّغت».