Site icon IMLebanon

محاولات للتهدئة بين الحريري وجنبلاط… والامتحان الحقيقي بعد جلسة الثقة

 

 

الاشتباك السياسي الذي اندلع بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فاجأ الاوساط بحدته واتساعه بسرعة غير محسوبة، وترك انطباعاً بان هناك حسابات بين بيت الوسط والمختارة، تتجاوز الاسباب المباشرة التي ادت الى هذا السجال الحاد.

ويبدو ان الزيارات المتبادلة وجلسات المطاعم التي سبقت ورافقت تشكيل الحكومة لم تكن نتائجها بحجم آمال كل من الطرفين، لا بل ان مثل هذه اللقاءات والاجتماعات لم يساهم في ازالة الملاحظات والتراكمات بين الرجلين التي تشكلت في الحكومة المنصرفة جراء الخلافات حول العديد من الملفات ومنها الملف الحيوي الاساسي الكهرباء.

ما هي الاسباب المباشرة وغير المباشرة لاندلاع هذه الحرب الكلامية بين مكونين مهمين من مكونات «حكومة العمل» الذاهبة الى جلسة الثقة بعد حوالى الاسبوع؟

تتحدث المعلومات عن ان الرئيس الحريري لم يخف مؤخراً امام زواره انزعاجه الشديد من موقف جنبلاط وعدم استجابته لطلبه بالتخلي عن حقيبة الصناعة، ملاحظاً ان هذا الموقف السلبي ترافق مع انتقادات وجهها زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي له مباشرة او تلميحاً حول التعاطي مع ملفات انمائية وحيوية.

وينقل احد الزوار عن رئيس الحكومة انه للمرة الاولى يلمس هذا التشدد في موقفه حيال جنبلاط، مقللاً من اهمية ردود فعله على مسار وضع الحكومة والوضع العام في البلاد.

وحسب الزائر، فان الحريري غمز من قناة زعيم المختارة وقدرته على المناورة كما كان يحصل في السابق، ملمحاً الى تراجع تأثيره في هذا المجال، ومؤكداً في الوقت نفسه ان مثل هذه التصريحات والمواقف لن يكون لها التأثير المهم في المسار العام بعد تأليف الحكومة.

وفي المقابل، ترى اوساط جنبلاط ان ردة فعل الحريري تجاوزت التوقعات، وهي لا تتلاءم مع كل مسارات العلاقة بين الطرفين حتى اثناء الازمات السابقة.

وتخشى ان يكون هذا الموقف جزءاً من التوجه لرئيس الحكومة في المرحلة المقبلة، مشيرة الى ان مفاعيل التحالف والاتفاقات بينه وبين الوزيرجبران باسيل تبدو واضحة وجلية اكثر من الحكومة الجديدة قبل انطلاق عملها.

وتقول هذه الاوساط ان التنازلات التي قدمناها لتأليف الحكومة خير دليل على اننا نسعى لنجاحها، وان اتهامنا بعرقلة انطلاقتها هو في غير محله. اما الانتقادات التي وجهناها فهي تتعلق بالتعاطي مع بعض الملفات ومحاربة سياسة زياد ة الدين، وكان الاجدى ان يتم الرد علينا بالارقام والمنطق بدلاً من نقل الخلاف الى مساحة اخرى.

وتحرص اوساط جنبلاط على عدم الخوض في كل التفاصيل لكن الانطباع السائد لدى الزوار بان هناك استياء واضحاً من تعاطي الرئيس الحريري وتطرفه بالتعامل مع مثل هذه الانتقادات، وقبلها في ادائه غير المتوازن في عملية تشكيل الحكومة.

ووفقاً للمعلومات فإن موقف جنبلاط من موضوع صفقة دير عمار جاء بعد اطلاعه على دراسة تفيد بأن المبلغ الذي تمت به هذه الصفقة يتجاوز بكثير ارقام هذه الدراسة. وهذا ما جعله يرفع الصوت مغرداً كعادته محذراً من الاستمرار بهذا السلوك.

وترد اوساط الحريري ان من له مأخذ على التعاطي مع هذا الملف او ذاك يمكن ان يلجأ الى الجهات المعنية مثل مجلس الشورى، وان اللجوء الى اطلاق المواقف بهذا الشكل ربما سببه مصالح خاصة وليس المصلحة العامة.

ومما لا شك فيه ان جنبلاط يشعر بأن هناك محاولة محاصرته واضعافه على غير صعيد، وان هذه الهجمة الاخيرة تغطي بشكل او بآخر خطة مستقبلية للاستفراد او الهيمنة على القرارات في الحكومة الجديدة.

اما الرئيس الحريري فانه يرى ان تصرف زعيم المختارة يشكل عاملاً في عملية انطلاق عمل الحكومة، وهو يردد امام زواره انه لن يقبل تكرار بعض التجارب التي شهدتها حكومته السابقة.

وبعض النظر عن صحة موقف كل من الرجلين فان دعوة الرئيس بري قبل تشكيل الحكومة الى التآلف والتعاون، ثم دعوة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالامس الى التهدئة تشكلان الاساس في اعادة تصويب الاوضاع لنجاح مسيرة الحكومة الجديدة.

ويبدو ان مفاعيل التهدئة ستأخذ مجراها في الايام القليلة المقبلة على الاقل من اجل الذهاب الى جلسة الثقة باجواء غير متشنجة. لكن الامتحان الحقيقي سيكون في مرحلة ما بعد الثقة.