IMLebanon

محاولات للتنسيق مع تركيا لنقل نازحي عرسال الى جرابلس

العملياتُ الاستباقية التي نفّذها الجيش اللبناني ضدّ خلايا الإرهاب النائمة في منطقة عرسال ومخيّماتٍ للنازحين السوريين فيها، اضافة الى إحتراق أحد مخيّمات النازحين في البقاع الأحد الماضي، فتح بابَ الحديث على ضرورة إيجاد حلّ لهذا الملف الشائك الذي بات عبئاً على الدولة اللنبانية إقتصادياً وأمنياً، وعلى النازح السوري عينه الذي بات أمنُه مهدَّداً بأن يصبحَ رهينة تَوجُّه الجماعات التكفيرية لجعله درعاً بشريّة تتستّر بها لحماية وجودها.

وترسم مصادر متابعة التفاعلات التي أعقبت كل هذه الاحداث خلال نهاية الاسبوع الفائت، على الشكل الآتي:

برز اتجاهٌ واضح لدى المعارضة السورية، لاعتبار أحداث عرسال الاخيرة، بمثابة فرصة لها لطرح موضوع النازحين السوريين في لبنان انطلاقاً من زاوية سياسية لا إنسانية.

وهذا سلوك تميّزت به المعارضة السورية طوال فترة الأحداث السورية حيث درجت حتى أطراف حقوقية سورية معارضة على لومها كونها تخلّت عن كل مسؤولياتها في مساعدة النازح السوري، سواءٌ في لبنان أو الأردن، حيث لم تصرف جزءاً ولو يسيراً من الأموال الطائلة التي وصلتها على تحسين أوضاع هؤلاء النازحين، بل هدرتها على أمور أخرى وبنحوٍ يطرح اسئلة عن الشفافية في صرفها.

وواضح بحسب معلومات متقاطعة أنّ هناك اتجاهاً بين فصائل المعارضة المقيمة في المنفى لإطلاق حملة دَولية تطالب بإيجاد حلّ عاجل لأزمة النازحين السوريين، بدايةً بالنسبة الى الموجودين في منطقة عرسال، وليس في كل لبنان، ويتمثّل بإعادتهم الى مناطق خارج سيطرة الدولة السورية، وأيضاً خارج سيطرة ما يسمّونه «مناطق حزب الله».

وبحسب معلومات لـ«الجمهورية» فإنّ المعارضة السورية في الخارج استنفرت حقوقيين تابعين لها لكي تطرح قضية حلّ نازحي عرسال السوريين إنطلاقاً من مفهوم سياسي وليس من مفهوم إنساني، وهو يركّز على النقاط الأسياسية التالية:

أولاً، حلّ هذه الأزمة يجب أن يلحظ أنّ نازحي منطقة عرسال هم قسمان، الأوّل يشمل المقيمين داخل حدود الأراضي اللبنانية، والثاني يشمل المقيمين خارج البلدة وفي جرودها المشترَكة مع الجرود السورية.

وسبب إبراز هذا التقسيم للنازحين السوريين في منطقة عرسال بين مقيم في البلدة وداخل الحدود اللبنانية وبين مَن هم في جرودها الواقعة داخل الأراضي السورية (أي في خراج حدود منطقة عرسال اللبنانية)، هدفه بحسب مصدر في المعارضة السورية، إظهار أنّ المفاوضات الأخيرة والتي كان لـ»حزب الله» دورٌ فيها، والتي نجحت في إقناع نازحين بالعودة الى مناطق الدولة السورية (عرسال الورد وغيرها)، جرت مع النازحين المقيمين في الخراج السوري لمنطقة عرسال اللبنانية، وعليه فإنّ التسوية مع النازحين في منطقة عرسال وبلدتها، يجب أن تكون مع المعارضة السورية ومن خلال الأمم المتحدة وشرط نجاحها الموافقة على أحد شرطين اثنين: إما تأمين عودتهم الى مناطقهم السورية التي هُجِّروا منها، تطبيقاً للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن والذي ينصّ على هذا المعنى، وإما عودتهم الى مناطق آمنة في سوريا، وهذا يعني أن لا تكون تحت سيطرة الدولة السورية، بحسب رؤية المعارضة للمنطقة الآمنة.

ثانياً، بحسب فذلكة المعارضة كما تسرّب من معلومات أوّلية عنها، فإنه طالما أنّ النازحين السوريين في منطقة عرسال وبلدتها في معظمهم جاؤوا من منطقة القصير بدايةً، ومن ثم من منطقتي القلمون ويبرود، نتيجة سيطرة «حزب الله» عليها، فإنّ الحلّ لإعادة هؤلاء النازحين الى قراهم الأصلية، بحسب القرار 2254 يجب أن يبدأ من مربّع المشكلة الأول وهو إنهاء «مشكلة» سيطرة «حزب الله» على هذه المناطق، بمعنى آخر بلورة ضغط دولي على لبنان لإرغام الحزب على الانسحاب منها، بحيث تكون الخطوة التالية هي إعادة نازحي منطقة عرسال اليها!.

واضح أنّ هذا الحلّ يستخدم ورقة النزوح السوري في منطقة عرسال ذريعةً لفتح حرب سياسية لها صلة بمسار أخذ الموقف الدولي الى وجهة نظر تخدم رؤية المعارضة في توظيف ملف النازحين ضمن نطاق النزاع المفتوح بينها وبين النظام في سوريا.

وأبعد من ذلك، فإنّ المعارضة، بحسب معلومات لـ»الجمهورية»، تريد في هذه المرحلة إظهار أنّ ملفّ نازحي منطقة عرسال وجرودها اللبنانية، هو ملف منفصل عن ملف المسعى الأخير الذي أدّى الى نقل نازحين في تلك المنطقة الى عسال الورد وغيرها.

بمعنى آخر، إظهار أنّ هذا الملف يقتضي التنسيق بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة على أن يكون الطرف الآخر السوري المفاوض وراء الأمم المتحدة هو المعارضة السورية.

وتؤكد معلومات أنّ ما طرحته المعارضة خلال الساعات الاخيرة بنحو غير مباشر، أي من خلال هيئات حقوقية حاولت جسّ نبض بيروت، تمثّل بطرح فكرة أن يتمّ نقل النازحين في عرسال ومنطقتها الى جرابلس وذلك من خلال التنسيق بين الحكومة اللبنانية وانقرة، نظراً الى أنّ تركيا ستكون ممرّاً إجبارياً لإبرام تسوية كهذه.

ودائماً، بحسب معلومات مصدرها المعارضة السورية، فإنّ جهات داخل الحكومة اللنبانية وعدت بأن يُصار الى الاتصال بأنقرة لجسّ نبض إمكانية مساهتمها في نقل النازحين السوريين المقيمين في عرسال الى جرابلس.

يبدو واضحاً أنّ الفترة المنظورة التالية ستشهد سباقاً بين مبادرتين للبحث في الطريقة الأمثل لحلّ أزمة نازحي عرسال السوريين، الأولى اتجاه يبحث عن حلّ لهم بالتنسيق مع الحكومة السورية ويستكمل مبادرات جرت أخيراً وأثمرت عن نقل نازحين الى عسال الورد وغيرها.

والثانية البحث عن حلّ لهذه الأزمة من طريق شراكة مع تركيا وليس مع الحكومة السورية، وستحاول إعتراض الحلّ الأوّل عن طريق تسييس هذا الملف واشتراط عودتهم الى مناطقهم الأصلية (القلمون والقصير) بضمانات الأمم المتحدة بينها خروج «حزب الله» من هذه المناطق وحتى ضمانات من الدولة السورية للنازحين العائدين!!.