مشاركون بتحالف لائحة «البيارتة» صوّتوا سراً لصالح لائحة «بيروت مدينتي» لتكبير حجمها شعبياً
محاولات لإستنزاف قوّة الحريري بخصومه ووجهت بإرتفاع نسبة التصويت السنّي خلافاً للتوقعات
أحصنة طروادة» فشلت في اختراق بيوت البيارتة وردهم جاء سريعاً على كل محاولات قلب الوقائع التي شارك فيها «بعض الحلفاء»؟!
بعد انقضاء يومين على انتهاء الانتخابات البلدية في العاصمة بيروت تكشفت الأمور عن جملة من الوقائع والتصرفات الملتبسة والممارسات الملتوية للعديد من الأطراف المنضوية تحت عباءة لائحة «البيارتة» الائتلافية، لم تراعِ الالتزام بسقف التحالف ولا بمبادئه وأسسه، وإما اتبعت أساليب إحتيالية غادرة تتعارض كلياً مع الأهداف المتوخاة لتكريس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وتمثيل الشرائح الأساسية وتصب في اتجاهات وغايات سيئة النوايا، ليس أقلها كما تبين محاولة خلق جهات وقوى تحت يافطة ما سمي بلائحة «بيروت مدينتي» لإظهارها كقوة شعبية ناشئة على أنها تمثل «المجتمع المدني»، وقد باتت قوة تنافس شعبية زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري في العاصمة تحديداً، نظراً لتأثير هذا الواقع على امتدادات هذه الزعامة على كل لبنان.
وهكذا لم تأتِ تغريدة النائب وليد جنبلاط عن تأييده للائحة «بيروت مدينتي» بعد أيام معدودة من انضمام ممثّل عن الحزب التقدمي الاشتراكي إلى صفوف لائحة «البيارتة» من هباء، بل ترجمت عملياً في توزيع أصوات المؤيدين المقترعين في العاصمة على اللائحتين المتنافستين ولو بنسب مختلفة، في حين ظهرت بوضوح في صناديق الاقتراع في الباشورة وزقاق البلاط لوائح تضم إسم مرشّح حركة «أمل» على لائحة «البيارتة» بمفرده ضمن لائحة «بيروت مدينتي» وبأعداد كبيرة بلغت قرابة الفي صوت.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، وإنما انسحب على «التيار العوني» وخصوصاً في مناطق الأشرفية والجوار حيث لم يلتزم معظم ناخبيه بانتخاب اللائحة التوافقية التي يُشارك فيها، وإنما صوتوا لصالح اللائحة المنافسة مع إضافة اسم مرشحي التيار عليها، وكذلك الأمر في العديد من الأقلام التي يصوت فيها المسيحيون إن كان في رأس بيروت أو المزرعة أو مار الياس أيضاً.
كان الاعتقاد السائد ان الانقلاب على لائحة «البيارتة» الائتلافية والتصويت سراً للائحة المنافسة مع تكثيف حملة الدعاية والانتقاد السياسي لتيار «المستقبل» سيخلق حالة من الاحباط لدى الناخبين البيارتة ويدفع بمعظمهم إما لتأييد «بيروت مدينتي» أو الانكفاء عن التصويت، الأمر الذي يؤدي إلى تدني نسب المشاركة بالانتخاب إلى حدّها الأدنى وخصوصاً لدى أهل السنة الذين يشكلون الغالبية المطلقة من الناخبين الداعمين للتيار في مختلف مناطق بيروت، وتكون الحصيلة النهائية نسباً متقاربة في نتائج التصويت أو تفوق ضئيل لمؤيدي الحريري، ولكن ما لم يكن بالحسبان ان ردّ الفعل على هذه الحملات الدعائية لتلميع صورة لائحة «بيروت مدينتي» واستغلال الشعارات البراقة التي رافقتها وهي شعارات ومطالب كانت وما تزال ضمن الأولويات الأساسية ومواجهة «تيار المستقبل» مع عضوي السياسي، كان هذا الرد عكساً تماماً وترجم عملياً بارتفاع نسب المقترعين السنة جاوزت في بعض الدوائر ما شهدته الانتخابات البلدية السابقة في العام 2010، بالرغم من تبدل الاوضاع السائدة آنذاك، إن كان على الصعيد السياسي أو بزيادة الصعوبات التي تعترض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حالياً جرّاء استمرار الفراغ الرئاسي وتداعيات الأزمة السورية.
ولا شك ان ارتفاع نسب التصويت المؤيدة للائحة البيارتة قد فاجأت الحلفاء والخصوم على حدّ سواء وأحدثت فرقاً، شاسعاً ورافعة قوية لصالح اللائحة الائتلافية لم يكن متوقعاً لدى هؤلاء وأسقطت كل أوهام ومحاولات تكبيرهم وقوة لائحة «بيروت مدينتي» خلافاً للواقع.
وما يمكن استخلاصه من معركة بيروت البلدية، هو ان بعض حلفاء زعيم «تيار المستقبل» في لائحة «البيارتة» ومن ضمنهم خصومه التقليديين، حاولوا من خلال تأييدهم الائتلافي للائحة «بيروت مدينتي» استغراق قوته الشعبية والسياسية لاظهاره بأنه لم يعد قادراً على تنفيذ التزاماته بالمحافظة على المناصفة وصيغة العيش المشترك والسعي لفرض توجهاتهم إن كان في صيغة قانون الانتخابات الخلافي المطروح على النقاش أو في انتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة أو حتى في التشكيك بزعامته على العاصمة وبقية المناطق، ولكن النتيجة كانت عكس تمنياتهم تماماً.