IMLebanon

محاولات لضرب رأس الكنيسة بعد الإجهاز على الرئاسة الأولى

هل يصبح موقع رئاسة الجمهورية «لزوم ما يلزم»، وهل سيسجل التاريخ ان الرئيس ميشال سليمان كان آخر ماروني شغل هذا المركز؟ هنا بيت القصيد والاجابة على السؤالين تكمن في القلق البالغ لسيد بكركي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الذي بلغ به اليأس حدود اتهام النواب بأنهم «دواعش»، بعدم انجازهم الاستحقاق الرئاسي والاجهاز على اخر موقع للمسيحيين في لبنان وفي الشرق ايضاً. خوف سيد الصرح البطريركي تقول مصادر مسيحية، لا يأتي من عدم ويبدو ان لديه من المعلومات ما يعزّز قلقه الى حدود الرعب لا سيما ان الفاتيكان يشكل خزاناً للاسرار الكونية، ولكن الامر لا يثبط عزيمة الراعي، لا سيما ان بكركي صانعة لبنان الكبير بامتياز اثر الحرب العالمية الاولى على خلفية انه وطن للاقليات وتحول الى «رسالة» يخشى ان تطيح بها عواصف المنطقة وحرائقها الكبيرة، وان البلد امانة في عنق الصرح الذي يعتبر مرجعية وطنية قبل ان تكون روحية.

لا يترك الراعي مناسبة الا ويرفع الصوت عالياً، مطالباً بانتخاب الرئيس العتيد، ناهيك بحركته المكوكية على صعيد المحافل الدولية وزياراته العديدة الى الحاضرة البابوية لتحريك هذا الملف الذي يلقى حماساً خجولاً في العواصم الكبرى بانتظار ما ستؤول اليه الزلازل الكبيرة وهزاتها الارتدادية في المنطقة. ولا يخفي عتبه تضيف المصادر، على الاقطاب الموارنة بالدرجة الاولى لما آلت اليه الامور لا سيما ان الجميع في مركب واحد وقد يغرقون كون الثقوب تتكاثر في الزورق فالمرحلة استثنائية ومفصلية في تاريخ المنطقة التي تغيرت فيها الخرائط وباتت «دولة الخلافة» واقعاً ميدانياً يمتد من الرقة السورية الى الموصل العراقي، اضافة الى ازدهار التيارات التكفيرية بعدما تحولت الساحة المحلية الى «ساحة جهاد» وفق الفصائل الاسلامية المتطرفة في الدولة المقطوعة الرأس حتى اشعار آخر. فاذا كان الخلاف حول انجاز الاستحقاق الرئاسي قاتلاً فان الاخطر من ذلك ان تزول الجمهورية كما يخشى سيد الصرح في بازارات لعبة الامم وفق الاوساط المقربة من الصرح.

واشارت المصادر الى ان المسيحيين ليسوا في احسن احوالهم، لا بل في اسوئها على صعيد المنطقة، ويبقى لبنان آخر معقل لهم في الشرق ينزف يومياً في هجرة الشباب المسيحي بشكل خاص، واذا كان اتفاق «الطائف» الذي بات دستوراً قد شكل بوابة عبور الى السلم الاهلي الذي يترنح على وقع الاحداث الامنية والعمليات الانتحارية وفق الاوساط نفسها، فقد قبل به المسيحيون على مضض كونه جرم صلاحيات الرئاسة الاولى الى حد ان صلاحيات الوزير في وزارته اكبر بكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية، الا ان الامر يبقى افضل بكثير من الفراغ في سدة الرئاسة كما يرى الراعي الذي سبق واستشرف خطورة الوضع، مطالباً ببقاء سليمان في القصر الجمهوري لحين انتخاب خلف له وعلى طريقة تصريف الاعمال في الحكومات المستقيلة، فلماذا يجوز الامر حكومياً ولا يجوز رئاسياً، وهل الدساتير في خدمة الشعوب ام الشعوب في خدمة الدساتير؟

وتقول المصادر المسيحية، ان كلام الراعي عن جهات خارجية تموّل مؤامرة ضد بكركي لم يأتِ من فراغ، لأن سيد الصرح ادرى بشعابه، واستهداف الصرح في حال نجاحه يعني التآمر على المسيحيين بشكل عام والموارنة بشكل خاص. فالتصويب على الرأس يقتل الجسد، وربما الهدف من ذلك اسكات الصوت الصارخ لانجاز الاستحقاق الرئاسي، لا سيما ان قلق الراعي من التأقلم مع الفراغ يأتي في مكانه، بحيث يعتاد المواطنون على الشغور كون انتخاب رئيس او عدمه لا يقدم ولا يؤخر، بعدما باتت الجمهورية بـ24 رئيساً كون «الطائف» نقل صلاحيات رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً. ولعل اللافت ان حكومة «المصلحة الوطنية» تطبق الدستور بانتقائية وقضمت صلاحيات الرئاسة لا بل تعدتها وقد برز ذلك بقبولها ترشيح السفراء الاجانب وقبول اوراق اعتمادهم كسفراء بيلاروسيا وكندا والاردن ومصر وايطاليا، علماً ان النص الدستوري يقول «ان رئيس الجمهورية يعتمد السفراء ويقبل اوراق اعتمادهم».