Site icon IMLebanon

جمهور رفيق الحريري.. «الضمانة»

ثمَّة أسرارٌ في علاقة جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس سعد الحريري، «أسرارٌ» لا يعلمها أحد مهما ادَّعى البعض أنّه يعلم بها، أو حاولَ البعض التسلّقَ على حبالها غَدراً.

في 14 شباط 2016، خاطبَ الحريري جمهورَه بكلام أكثر من مُعبّر عن خلاصة مواقفه التي يَزينها بميزان الإرث الكبير للرئيس الشهيد رفيق الحريري . قال لهم بالحرف: «أريد من كلّ واحد منكم أن يَسمعها جيّداً ويفكّر بمعناها مليّاً.

جميعكم تعرفون أنّه عند كلّ قرار مفصلي، أسأل نفسي سؤالاً واحداً: ماذا كان لرفيق الحريري أن يفعل لو كان مكاني اليوم. واليوم في 14 شباط تحديداً، لا أجد إلّا جواباً حقيقياً واحداً: يا ليت رفيق الحريري كان واقفاً أمامكم، في مكاني اليوم!».

يكاد جمهور رفيق الحريري يسأل كلّ الذين يزايدون على سعد الحريري اليوم: «ماذا كان لرفيق الحريري أن يفعل لو كان مكان سعد الحريري اليوم؟»، ليضيف: «يا ليت رفيق الحريري كان واقفاً امامكم، في مكان سعد الحريري اليوم»، ويقول لكلّ هؤلاء: «ماذا كنتم تفعلون أو تقولون له؟».

مرَدُّ السؤال أنّ جمهور رفيق الحريري، وكما يبدو واضحاً في تبادلِه للتغريدات مع الحريري الابن، يُبدي «عتباً» على قدر محبّتِه له، ولا يمكن أن يرضى بأن يستغلّ البعض هذا «العتب» للانخراط، من حيث يدري أو لا يدري، في مسار الاغتيال السياسي لرئيس تيار «المستقبل»، الذي بدأ في محطة الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية التي ترَأسها بعد انتصاره في الانتخابات النيابية عام 2009، ومرَّ على تذكرة «وان واي تيكت» التي قُطعت له، واستمرّ مع الخطر الأمني الذي حتّمَ عليه الغيابَ عن لبنان لخمس سنوات وتُرجِم باغتيال أشدّ المقرّبين منه؛ من اللواء الشهيد وسام الحسن إلى الوزير الشهيد محمد شطح، ووصَل إلى الانتخابات البلدية الأخيرة التي حاولَ الجميع فيها، وبعضُهم من أهل البيت، أن يحارب سعد الحريري واعتداله، من بيروت إلى طرابلس، ومنهما إلى كلّ المناطق اللبنانية التي تُدين له بالولاء والوفاء.

يبدو الحريري واثقاً من جمهوره، أكثرَ مِن أيّ وقت مضى، منذ عاد وكلُّه حِرص على إعادة الوصل معهم، وقبل أن تصله رسالة الانتخابات البلدية، كاستحقاق إنمائي ببُعدٍ سياسيّ، «زي ما هيّي»، كما وصلت لكلّ الأحزاب الباقية، التي لم تكن حالها أفصلَ من حال تيار «المستقبل»، كما بيَّنت النتائج.

ولعلّ أهمّ ما في هذه النتائج بالنسبة إلى تيار «المستقبل»، أنّها أعطت جمهورَ رفيق الحريري حقّه، بأنّه ليس جمهوراً خشبياً، بل هو جمهور ذهبي يَلمع بتنوّعِه وحرّيته وديموقراطيته في كلّ الاستحقاقات، يعترض متى يرى الاعتراض حقّاً على تحالف أو مواقف، ويُواجه متى تقتضي الظروف السياسية أن يواجه.

والأهمّ، أنّ الحريري يبدو واثقاً جدّاً مِن حِرص جمهوره على المعادلة الذهبية بأنّ «ما حدا أكبر من رفيق الحريري في تيار المستقبل»، والمستقاة من القول المأثور للرئيس الشهيد: «ما حدا أكبر من بلده»، بقدر ما يبدو واثقاً بأنّ حضوره بين جمهوره، على ثوابت رفيق الحريري واعتداله، وحدَه الكفيل بإعادة الألق إلى مشروعه الوطني الذي «يفتح الأبواب بين اللبنانيين ويفتح الآفاق والآمال أمام لبنان واللبنانيين، وليس مشروع رفعِ متاريس وجدران وأسوار بين الزواريب والنفوس والطوائف. نحن مشروع وطنيّ عابر للطوائف، خصوصاً عندما يكون غيرُنا مشروعاً طائفياً عابراً للأوطان»، كما قال أيضاً في ذكرى 14 شباط 2016.

اليوم، وأكثر من أيّ وقت مضى، سيقول الحريري للجميع، مِن حلفاء وخصوم، إنّ جمهور رفيق الحريري هو ضمانتُه، وإنّ «الوهم» سيُلازم مَن يُراهن على أن ينخرط بهذا الجمهور في «مشروع طائفي أو مذهبي» من أجل تبرير انخراطه في مشاريع شبيهة، مهما أعدَّ العدّة والأدوات لذلك، فـ«الشمس طالعة والناس قاشعة»، وجمهور رفيق الحريري لا يُلدغ من جحر مرّتين.