Site icon IMLebanon

١٥ آب يُمهِّد للإنفجار.. أم للإنفراج؟

 

الخميس المقبل،الخامس عشر من آب الحالي، موعد إختبار جديد، ليس لمصداقية الذئب الماكر نتنياهو، والذي يفتقد إلى أبسط معايير الصدقية وحسب، بل هو إختبار حاسم لفعالية النظام العالمي، وزعيمته الولايات المتحدة الأميركية، التي يُنادي رئيسها بوقف إطلاق في غزة منذ شهرين، وحليفه اللدود يتجاهل نداءاته، ويستمر في مجازره اليومية، مستخدمًا أحدث الأسلحة الأميركية وأكثرها تطورًا.

بعيدًاعن كل الخطب النمطية المعادية للسياسة الأميركية في المنطقة، وإنحيازها الأعمى للدولة الصهيونية، لا بد من القول من جديد بأن مفتاح الحرب والسلم في الشرق الأوسط، وخاصة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يبقى في يد واشنطن أولاً وأخيراً، لأنها مصدر الدعم المطلق، والتسليح الكامل، ولولا الجسور الجوية والبحرية الأميركية التي حملت الطائرات والدبابات والمدافع والقنابل والصواريخ لإسرائيل، لما إستطاع نتنياهو أن يستمر في حربه الوحشية الطاحنة ضد المدنيين في غزة، وشن حرب الإبادة الجماعية بمثل هذه الوتيرة الهمجية، والخارجة عن كل القوانين الدولية.

طلب الرئيس الأميركي تأخير بعض شحنات الأسلحة إلى تل أبيب، فسارع القادة العسكريون إلى دق ناقوس الخطر بعدم إمكانية إستمرار الحرب، بسبب الحاجة الملحَّة للذخيرة والمعدات الأميركية. وكاد نتنياهو أن يحمّل بايدن مسؤولية خسارته في الميدان!!

وفيما كانت الإدارة الأميركية تعمل على إصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بوقف إطلاق النار في غزة، وفق صيغة وافقت عليها حكومة نتنياهو، كان الأخير يستعد للذهاب إلى الكونغرس، وتلاوة صك المظلومية المزورة لدولة العدوان، للحصول على المزيد من الدعم، من الراعية الأولى للدولة العبرية في العالم.

وسرعان ما عاد نتنياهو مسلحاً بتأييد الكونغرس، ليخوض جولة خطيرة من التصعيد على إيقاع صولات التصفيق المتكرر تحت قبة الكابيتول، ويشن عمليتي إغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في معقل الحزب :الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في قلب طهران، دافعاً المنطقة كلها إلى شفير حرب إقليمية شاملة، رغم معارضة القادة العسكريين لمغامراته الهوجاء.

يمكن القول أن المساعي الأميركية مع طهران، وما رافقها من ضغوط واضحة على تل أبيب، قد أفلحت إلى حد كبير في تهدئة العاصفة التي أثارتها مغامرة نتنياهو  المزدوجة، وذلك كخطوة تمهيدية لنزع فتيل الحرب الإقليمية، والعودة إلى طاولة مفاوضات الهدنة في غزة.

بدا واضحاً أن حجم ونوعية الرد على عمليتي الإغتيال، بات مرتبطاً بجدية الأجواء الإيجابية التي ترافق الإعداد لمفاوضات الخميس، ومدى القدرة الأميركية على فرض وقف إطلاق النار على الحليف الإسرائيلي، وتحقيق «إختراق ما» يمهد الطريق أمام مسار ديبلوماسي طويل، لمعالجة تداعيات الحرب في غزة، وبعض المشاكل العالقة على الحدود اللبنانية بعيدًا عن ميادين الحرب.

وقف النار الفوري في غزة يضع ملف «اليوم التالي» على الطاولة بسرعة، للبحث في ترتيبات المرحلة الإنتقالية المفترضة لإدارة الشؤون اليومية في القطاع، وفرض الأمن، وتنظيم العودة إلى الحياة المدنية الطبيعية، والإعداد لورشة إعادة الإعمار.

ووقف الحرب في غزة يعني انتهاء «معركة الإسناد» في الجنوب اللبناني، وعودة الهدوء إلى المنطقة الحدودية، والبدء بعودة أهالي القرى على جانبي الحدود إلى بيوتهم، وإتاحة المجال للوسيط الأميركي في إستئناف وساطته لترسيم الحدود البرية، من حيث توقفت بعد إندلاع حرب غزة.

ولكن ثمة شكوك بحقيقة الموقف الإسرائيلي الذي يحاول التملص من الضغوط الأميركية، المعلنة على الأقل، والمضي قدماً في التصعيد، وتفجير حرب إقليمية، من شأنها أن تقود إلى توريط الولايات المتحدة في معركة ضد إيران، تحت شعار الدفاع عن إسرائيل، بموجب إتفاقية الدفاع الإستراتيجية المعقودة بين البلدين منذ ثمانينات القرن الماضي، وتحقيق الهدف الإسرائيلي بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني.

المنطقة كلها في مرحلة حبس أنفاس بإنتظار الخميس المقبل. الجلسة الأولى ستكون بمثابة المحك لجدية النوايا بالخروج من آتون الحرب. وعلى نتائجها الأولية تتحدد إتجاهات الرياح في الشرق الأوسط: بإتجاه الإنفجار.. أم الإنفراج!