IMLebanon

عن 4 آب… يا إلهي!

 

 

حضرت إسرائيل في إتهام أبواق الممانعة “العصابات” التي افتعلت أحداث خلدة إستجراراً للفتنة، في حين غابت على الرغم من شهود العيان لطائرات عدوة فوق سمائنا لحظة حصول جريمة تفجير مرفأ بيروت… عفواً “إنفجار العنبر 12 في المرفأ”، لأن هذا هو الحد المطلوب والمسموح به للتعريف بالحادثة وفق ما تمخضت عنه التوجيهات طوال عام.

 

بالتالي علينا أن نكتفي بإحياء الذكرى الأولى للجريمة بمشهديات هزيلة، تغلب عليها المرثيات والإحتفاليات الفنية والصلوات. فالمطلوب الانصراف الى استثمار المناسبة الدسمة بما يظهر المواهب الدفينة والنافرة قياساً إلى حجم هذه الكارثة المصنفة أكبر إنفجار غير نووي في العالم.

 

أما عن الدعوات إلى التحرك الشعبي بتظاهرات يأمل الداعون إليها من أهالي الضحايا والناشطين ممن ينادون بالثورة، إحداث هزة للمنظومة الحاكمة، فتكثر المعلومات عن تحضيرات للتخريب والإعتداء على المتظاهرين، كما جرت العادة منذ اندلاع تحركات 17 تشرين الأول 2019، في سعي المحور المتحكم بالمنظومة السياسية للإبقاء عليها وحمايتها. ما يؤشر إلى العمل على إفشال هذا التحرك حتى قبل حصوله في إلتفاف بات مألوفاً من جانب من يتولى تشكيل الساحة اللبنانية على قياس أجندته.

 

لذا صدر أمر اليوم باقتصار عدة الشغل على الأغاني الحبلى بعويل لا يلغي الأناقة والـ”Fool Make Up” والرقص التعبيري لمحاكاة هول المأساة و”الحلم المسروق” مع قَسَمٍ بـ”حياة اللي راحوا”… مع أن “اللي راحوا” راحوا ولا حياة لهم… قتلوهم. وممنوع تحديد هوية القاتل… تكفي تصريحات مستنسخة للمتصارعين على السلطة، لزوم المناسبة تسأل عن الجهة التي أدخلت النيترات، ومن أخرج غالبيتها بشاحنات عبرت الطرق الرئيسية من دون تحديد وجهتها، ومن دون البحث عن أسباب التفجير بأبعد من الإهمال، ما أدى إلى حصول الإنفجار، مع ضرورة الإسراع في اقفال الملف حتى تدفع شركات التأمين تعويضات إلى المتضررين… وكأن هؤلاء المتصارعين تحت سقف المحور وأذرعه، يتَحَدّون المحقق العدلي طارق بيطار ويذكرونه بعجــزه عن الدخول في المحظور.

 

ونقطة على السطر.

 

يجب أن تبقى ذكرى جريمة تفجير مرفأ بيروت محطة عابرة، وظيفتها تقضي بحصر الأمور في حيز القضاء والقدر والإهمال الوظيفي والأخطاء غير المقصودة، أي القتل غير المتعمد لمدينة وشعب وإقتصاد.

 

ماذا عن الغضب؟؟ ماذا عن الثورة وليس الدموع والبكاء على أطلال بإنتظار أطلال أخرى سنبكي عليها ما لم ينفجر الغضب ومن دون حدود أو حسابات مهما كانت التداعيات؟؟

 

ماذا سيحل بنا بعد بفعل هذه المراعاة والتلميحات الخجولة قياساً بالكارثة وفعل القتل المتعمد؟؟

 

علينا بالشارع، فالاكتفاء ببرامج المعالجة النفسية لما بعد صدمة 4 آب لم يحن أوانه بعد. نحن لا نزال في خضم هذا التاريخ.

 

علينا بالشارع، فلن يحصل التغيير عبر وسائل التواصل المتخمة بالشتائم والجيوش الالكترونية.

 

الشارع وليست المساعدات الدولية عبر الجمعيات، وفي قصاص متواضع للمنظومة المستمرة في مشاريع النهب المتواصـــل للقمة العيش.

 

لا لزوم لإحياء الذكرى. القضية لا تزال في أوجها. تحديداً لأن كل ما يحصل يوحي بكل شيء باستثناء التعامل المحلي والدولي مع هذه الجريمة كقضية وطنية وإنسانية يجب أن تصل إلى خواتيمها القضائية لمحاسبة المسؤولين عنها.

 

علينا بالشارع لتحدي المحور والقوى الدولية المتواطئة معه. نصنع نهاية 4 آب وما سبقه وما سيعقبه عندما نفجر هياكلــهم على رؤوسهم..

 

بعد ذلك، يمكننا أن نعكف على دراسة الأثر النفسي والإجتماعي والاقتصادي والسياسي لهذه القضية… ونتأمل بمفاعيلها من بعيد… ونردد: 4 آب… كيف نتذكر وماذا نتذكر؟؟ يا إلهي!!.