IMLebanon

٧ آب … المحترم !

لن نتوقف عند جانب الإثارة وشد الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء اليوم واعتبار ما بعدها ليس كما قبلها، هذه العبارة صارت من ابتذالات السياسة في لبنان. نسأل فقط ماذا بقي من حكومة تحمل صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة قسراً ما دام مفهوم الحكم الذي يحاصرها يحول جلساتها عنوان إثارة لمخاوف الناس وما هي القيمة الفعلية والواقعية للملفات الخلافية الشاغلة أبطال التصعيد والتعطيل امام حقيقة أزمات اللبنانيين؟

قد يبدو تساؤل كهذا ساذجاً في ظاهره ولكن الامعان في جعل مواعيد الجلسات الحكومية محطات تجويف منهجي للنظام يستحق العودة الى مربع بدايات الأزمة التي حوصرت فيها الحكومة والبلاد. لم تعد التعيينات الامنية والعسكرية ولا آلية عمل مجلس الوزراء سوى عنوان قتل للوقت الضائع في عصر الفراغ الرئاسي الذي سيمتد ويتمدد بعد طويلا وطويلاً. لا حجة الفريق العوني المهاجم تقنع أحداً بأحقيتها وتجردها، ولا حجج الفريق الخصم تنجح في الدفاع عن المنطق الدستوري. هاكم المعركة المتصاعدة مجدداً بين رئيس المجلس والزعيم العوني. كم أقنعت وتقنع اللبنانيين بأنها معركة ذات افق دستوري حقيقي وليست عارضاً من عوارض الصراعات على ملفات السلطة؟ ثم ان ازمة التعيينات نفسها، وان كان الفريق المهاجم يطرحها في اطار مبدئي صحيح مناهض للتمديد، كم بقي من صدقيتها بعدما قضى على هذه الصدقية الطابع العائلي والشخصي المضاف الى تعطيل الاستحقاق الرئاسي؟ وكم بقي في المقابل لدى أطراف التمديد من صدقية ما داموا لا يرفعون سوى التمديد نهجاً مستسهلاً في سائر نواحي الاستحقاقات؟

يصادف ان تتزامن الجلسة الحكومية اليوم والمخاوف من قطوع في الشارع مع ذكرى القمع السلطوي زمن الوصاية السورية وعهد أميل لحود في واقعة ٧ آب ٢٠٠١ الشهيرة. هي محطة توجب الصراحة المطلقة احتراماً لتضحيات شباب لبناني شجاع زج آنذاك بالمئات منهم في السجون في معركة حريات وسيادة مشرفة وكاملة المواصفات. ولذا نقول، ان هذا التزامن يفاقم فينا الاسى على ما آلت اليه عناوين المعارك الوطنية الكبرى وسط هذا المعترك الجاري في الصراع على السلطة. انحدرت القضايا الحقيقية وتهاوت، ولا يقنعنا أحد بان هذا الصراع المهدد للنظام والمجتمع وسط انهيار الطبقة السياسية برمتها سيأخذ لبنان يوماً الى “تحرير” داخلي وخارجي جديد من أخطار سقوط الدولة هذه المرة، فيما تتمزق بقايا نادرة من هيكل الدولة بقصد او تعمد لم يعد يحتاج الى إثباتات وأدلة وقرائن. ولعلها مفارقة مفجعة ان تسقط الدولة في هذه المعارك الصغيرة على مغانم السلطة بعد طول صمود أمام الأخطار الكبرى منذ ٧ آب وقبله وبعده ولا من يقف لوهلة أمام مجرد مراجعة خاطفة الى الوراء والامام سواء بسواء.