7 آب 2001، محطة تاريخية في حياة الشعب اللبناني، انتصرت فيها عين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، على مخرز الوصاية السورية، والنظام الامني اللبناني – السوري، وحلفائه ممن باعوا الوطن باقل من ثلاثين من الفضة، انه يوم مجيد للسيادة والحرية والاستقلال والنضال، ويوم اسود معيب ومخز للرئيس الحاكم. وحكومته الجبانة المطواعة، وجلاوزته الذين فجروا احقادهم في اجساد ابنائنا، لكسر ارادتهم، فانكسروا هم، وفتح 7 آب المضرج بدماء المناضلين المعاندين، الباب للرابع عشر من اذار 2005، اليوم الذي لا مثيل له في تاريخ لبنان والمنطقة.
اراد جماعة سوريا في لبنان، في 7 آب ان يخنقوا اصوات المطارنة الموارنة بقيادة البطريرك التاريخي مار نصر الله صفير، في بيان ايلول 2000، الذي طالبوا فيه بخروج الجيش السوري من لبنان.
وأراد الجماعة ذاتهم ان يمنعوا التقاء اللبنانيين ويحولوا دون قيام اي مصالحة في الجبل بين المسيحيين والدروز، وارعبتهم زيارة صفير للجبل وحرارة اللقاء مع النائب وليد جنبلاط، ومئات المشايخ، والوف الموحدين الدروز، وتهافت المسيحيين على الجبل ليكونوا شهوداً ومشاركين «بالصلحة» التاريخية، بين مكونين اساسيين في وجود لبنان الوطن، اضعفت الحرب بينهما، بارادة خارجية ودسائس داخلية، الكيان والدولة والعيش المشترك، ولكن قرار صفير وجنبلاط بأن لا عودة بعد اليوم لحرب الجبل وحرب الستين، كان اقوى من الارادات الخارجية والدسائس الداخلية، وثبت بالممارسة بعد خمس عشرة سنة، ان الرغبة الشعبية عند المسيحيين والدروز بالعيش الواحد في جبل موحد، هي التي انتصرت على الحرب وعوامل التفرقة، ولا ينفع للقابع في بعبدا يومها، ولدمى السوريين، ان يرهبوا، ويعتقلوا، او يعذبوا، ويقتلوا، لان ارادة النضال اقوى من قمع المأجورين.
ان التصميم على تطبيع الحياة في مناطق الجبل، يأخذ مظاهر متنوعة وابعاداً كثيرة، كان آخرها تسليم كنيسة مار الياس الى البطريرك بشاره الراعي في بلدة المختارة، كخطوة ايجابية جديدة من جنبلاط، بعد انفتاحه على الاحزاب المسيحية في اقضية الجبل، وخصوصا على حزبي القوات اللبنانية والوطنين الاحرار، وتوقيع بيان مشترك منذ سنوات بين الحزب الاشتراكي وحزب الكتائب. والزيارات المتبادلة بين طلاب القوات وطلاب الاشتراكي، وجميعها تحركات وخطوات تدل على وضع الكلمات موضع الفعل، حتى ان جنبلاط اعلن استعداده للقبول بترشح العماد ميشال عون لمنصب الرئاسة الاولى، تأكيدا منه على احترام التفاهم بين القوات والتيار، لكن المؤسف والمحزن والمستهجن في آن معاً، ان تبقى الحكومات المتعاقبة، بما فيها هذه الحكومة، بعيدة عن اي جهد لضخ دم الحياة في عودة المهجرين، لمساعدتهم على ترسيخ وجودهم، بالمدرسة والمصنع والمستشفى وخلق فرص عمل في الارض والاقتصاد والسياحة والاصطياف، والمشاريع المنتجة، بما يعيد الى الجبل عزه الذي كان له، وكان مفخرة المناطق.
***
في ذكرى السابع من آب 2001 لا بد من الاشارة الى عدد من الامور يجب تسجيلها للتاريخ، اولاً ان الجيش اللبناني، كمؤسسة كاملة لم يكن له دور قمعي، والذين قاموا بمطاردة المتظاهرين وضربهم والاعتداء عليهم بوحشية، لم يكونوا يومها تحت امرة القيادة، وثانياً ان عددا من القضاة الشرفاء وقفوا بوجه محاولة احالة الموقوفين الى المحكمة العسكرية، لاصدار احكام مشددة بحقهم، وثالثاً كان لتدخل البطريرك صفير الغاضب، دور حاسم في وقف ضرب الموقوفين ومعاملتهم بقسوة.
اما الملاحظة الاخيرة، التي ما زال القواتيون والتياريون يتذكرونهها باعتزاز وحسرة في ذات الوقت، هي معمودية الدم والاعتقال والضرب التي تعرضوا لها سوية؟ والتي لم يتم استغلالها في وقتها لتمتين هذه العلاقة المعمودية.