آب اللهَّاب لن يكون لهَّاباً مناخياً فقط، حيث ستبلغ الحرارة في بعض نهاراته الأربعين درجة، بل سيكون لهَّاباً بمحطاته، التي تبدأ في أوله ولا تنتهي إلا مع انتهائه:
البداية من ثلاثية الحوار التي لا يتوقّع أحدٌ لها أنْ تبلغ خواتيم سعيدة. البيان الختامي سيصدر في اليوم الثالث، أي بعد غدٍ الخميس، ولن يحمل سوى حثٍ على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعلى وضع قانون جديد للإنتخابات النيابية. يُدرِك المتحاورون أنَّ قرار إنتخابات الرئاسة ليس على طاولة الحوار، بل في دوائر أخرى خارج لبنان، كما يُدركون أنَّ قانوناً جديداً للإنتخابات لم ينضج بعد، وأنَّ الأمورَ تتجه إلى قانون الدوحة وهو قانون الستين معدّلاً، ما يعني أنَّ اللبنانيين مرغمون على الذهاب إلى الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل وفق القانون الذي جرت عليه الإنتخابات الأخيرة.
***
إذاً، وجه آب هو وجه شؤم على استحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية وعلى القانون الجديد للإنتخابات النيابية. صحيح أنَّ الرئيس نبيه بري يقوم بمسعى مشكور، لكن حسن النيات وحده لا يكفي ما لم يكن مقروناً بالقدرة على تحقيق الأمنيات إلى إنجازات.
***
الإستحقاق الثاني الذي لا يقلُّ أهمية عن الإستحقاق الأول هو البيئة ومسألة النفايات:
عطلة نهاية الأسبوع شهدت مواجهة ملعبها منطقة برج حمود، حيث يتم تجميع النفايات تمهيداً لمعالجتها لاحقاً، لكن حزب الكتائب اتخذ قراراً بمنع استمرار عمليات التجميع وكذلك عملية انشاء كاسر الموج، فإلى أين ستصل هذه المواجهة؟
ربما الأيام الآتية تقدم الجوابَ الشافي، ولكن قبل تقديم الجواب فإنَّ ما حصل يؤشِّر إلى أنَّ ملف النفايات يمكن أن ينفجر في أية لحظة في وجه الحكومة، واستطراداً في وجه الناس في آنٍ واحد، وأمثولة آب 2015 ماثلة أمام الجميع، حين فُضَّت العروض ورست المناقصات على ثلاث شركات لكن تحت ضغط الشارع جرى التراجع عن الموافقة عن تلزيم هذه الشركات.
***
في آب أيضاً ملف العسكريين التسعة المختطفين لدى تنظيم داعش، فهذا الملف يقض مضاجع أهلهم والمؤسسة العسكرية، لكن ماذا فعلت الحكومة على مستوى المفاوضات لتُنهي هذا الملف على خير؟
حتى الآن ليس في الأفق ما يشير إلى أنَّ هذا الملف سيبلغ خواتيمه السعيدة، خصوصاً أنَّ المفاوضات في شأنه ما زالت متعثرة، ولم تبتكر الحكومة أي مسار تفاوضي مع الجهات الخاطفة، عبر طرفٍ ثالث، للإنتهاء من هذه المأساة.
***
إنَّه آب الحافل بالملفات والإستحقاقات، وأسوأ ما في الأمر أنّه يتكرر للسنة الثالثة على التوالي في معظم ملفاته، وفي الملفات التي تُضاف إليه، ليصبح فعلاً لا قولاً شهر تراكم الملفات.
بهذا المعنى فإنْ الآتي من الأيام لا يحمل سوى محطات غير مريحة في الأجندة السياسية.
صحيح أنَّ هذا الكلام لا يُشجِّع، لكنه الواقع الذي لا يمكن لأحد إنكاره.