يرشح حتى حينه أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي لم يضع جدول أعمال للخلوات الحوارية،الممتدة على مدى ثلاثة ايام، وهو يعتبر أنّها مفتوحة على كل المواضيع، ووفق أوساط مطلعة يعني حكماً إدراج غير مباشر للملفات الخلافية على الساحة اللبنانية سواء الرئاسي وقانون الإنتخاب، في موازاة سجالات حول خيارات سياسية لقوى ذات امتداد إقليمي شكّلت محطّ تجاذب قويّ، دون ان يغيب ملف النفط والغاز ولناحية المطالبة المشتركة من قبل التيار الوطني الحر وحركة أمل بتسريع التلزيمات.
وإذا كانت يد برّي «فارغة» من أي ملف يمكن حله اثر طرحه على أقطاب طاولة الحوار، فإنّ الأوساط ذاتها تعتبر إنّه سيطرح استكمال اتفاق الطائف، أي الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية واستحداث مجلس الشيوخ والتطرق إلى اللامركزيات المتعددة، وصولاً إلى قانون الانتخاب الذي يحدّد التوازنات ونتائج الإنتخابات قبل إجرائها.
وتشير الأوساط ذاتها إلى أنّ برّي لن يطرح أي أفكار ذات صلة بتعديل اتفاق الطائف، بل حدّد تمسّكه به في كلمة له منذ نحو أسبوعين، بهدف طمأنة القوى الخائفة على مصير هذا الإتفاق. بحيث لا يتوقّف بري أمام محطة تعديل الطائف بقدر ما سيتمسك بضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي لاعتباره أنّ أركان الحوار يمثّلون خليّة قرار وصورة مصغّرة عن مجلس النواب تمكّنهم من رسم صيغة تفاهم على قاعدة السلّة المتكاملة التي طرحها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرلله أو من خلال تفاهم يقارب هذه الصيغة إذا ما أراد الأقطاب، بحيث يُستتبع الأمر بتنفيذ ما تلاقى عليه هؤلاء بترجمة في مجلس النواب.
في المقابل، يطغى على الحوار انحسار للغطاء المعنوي نتيجة غياب رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، وتكليفه رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة، وكذلك غياب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، ومشاركة رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسل بدلاً منه، وايضاً مقاطعة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع للحوار منذ انطلاقته في الصيف الماضي. في وقت يتردّد أنّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل يدرس عدم مشاركته لاعتباره ان لا جدوى من الحوارات حتى حينه. وبذلك فإنّ غياب الحريري وعون خصوصاً، إذا ما استمرّا على مواقفهما، يفقد، وفق أوساط مواكبة، نتائج الحوار المباشر، لا سيما أنّ الملفّ الرئاسي بات عالقاً مؤخراً بين استمرار عون في ترشّحه مدعوماً من جعجع وتمسّك الحريري بمرشّحه الرئاسي رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. في حين انسجمت الكتائب مع نفسها بعدم تأييدها أي مرشح من 8 آذار.
لكن، وبعد «انتهاء صلاحية» قوى 14 آذار، وتفسّخها، واجتماعها فقط على معارضة حزب الله، فإنّ القلق يسود هذا الفريق من زاوية حرصه على الطائف، وهو يتخوّف من أن يستدرجهم برّي نحو تسوية «دوحة 2» أو وضعهم أمام خارطة طريق المؤتمر التأسيسي، لكون هذا الخيار هو استراتيجية شيعيّة لا يستطيع رئيس حركة أمل أن يخرج عنها من موقعه كأحد قطبي الثنائيّة الشيعيّة، إلى جانب حزب الله.
لذلك، يجد البعض في هذا الفريق أنّ غياب الحريري – جعجع – الجميّل إذا حصل، من شأنه أن «يفرمل» إندفاعة الحوار فيصبح إلى حدّ ما حواراً ثنائياً بين السنة والشيعة مجمّلا ، ومزيّناً بحضور درزي ومسيحي. وفي منطق هؤلاء أنّه في الوقت الذي يعتمد فيه اتفاق الطائف كصيغة توافقية يفترض تعميمها للتوازنات المذهبية يفترض أن تعمّم كحلّ للأزمات في كلّ من سوريا والعراق واليمن، فإنّ الإطاحة بالطائف معناه ضرب للدور السعودي ولرعاية أي حل عربي وتمدد للدور الإيراني وبداية إنشاء كيانات مذهبية على ارض الإقليم العربي.
من هنا، تتابع الأوساط أنّ القوى المعادية لحزب الله (14 آذار المشتتة) لن تقبل أي طرح أو صيغة تفسّر بداية فتح ثغرة في صيغة الطائف، وستتفاعل مع كل المواضيع على قاعدة تطويق التوتّر وتمنين الصفوف لمواجهة الإرهاب وضرورة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة.