IMLebanon

التقشف يواصل التمدد والحل ﺑ « قمة التآلف»

 

ها هو التقشف يواصل التمدد ونكاد نقول الزحف. وما هو مدعاة للقلق أن التقشف شمل دول النفط في الأمة وعندما يحدث ذلك في دولة عمادها الثروة النفطية، يصبح التقشف في دول شقيقة أُخرى مهما علا شأنها من الأمور التي لا سبيل لعلاجها على وجه السرعة.

ونقول ذلك على أساس أن الأوضاع الإقتصادية التي كانت تصيب واحدة من الدول التي تشتد الضائقة فيها، فإن هذه الدولة كانت تطرق باب الدول النفطية المقتدِرة وكانت في غالب الأحيان تجد الباب مفتوحاً وتحصل النجدة من دون إشهارات حرصاً من الطرف المقتدِر على الطرف المحتاج.

بعد بداية إنحسار الطفرة النفطية وإعتماد الدول النفطية المقتدرة ، وبالذات السعودية ودولة الإمارات والكويت وقطر، سياسة التقشف جرعة تلو جرعة، باتت دول الأمة تتوزع بين التقشف في الدرجة الإضطرارية التي لا بد منها، والتقشف في درجة الحاجة إلى الحد الأدنى من مقومات العيش.

في هذه الحال لا علاج لما قد يستتبع التقشف الذي يواصل التمدد سوى التنادي إلى قمة عربية يكون جدول أعمالها مادة وحيدة وهي تحقيق التوافق وإحلال التآلف محل الصراعات، ذلك أن مسببات إعتماد التقشف بمختلف درجاته ليست فقط الصدمات الناشئة عن التراجع في أسعار النفط، وإنما أيضاً حالة الإستنزاف الناشئة عن الصراعات على أنواعها.

وكلما إتسعت رقعة الصراعات فإن عدَّاد الإستنزافات سينشط بشكل قياسي وبحيث أن التقشف قد يشمل الكماليات على أنواعها.

وثمة ما يلفت الإنتباه وهو أن دولة نفطية كبرى بمقاييس الإنتاج والثروة الزراعية والمائية، ونعني بها العراق، في صدد معالجة الفقر، مما يعني أنه حتى التقشف لا يكفي لعلاج أوضاع هذا البلد الذي كان المواطن في الماضي يعيش في بحبوحة قياسية وذلك لأن الفساد كان خطاً أحمر، وبات نظامه الآن رغم الثروة النفطية والثروة الزراعية والمائية في صدد إعداد إستراتيجية لمكافحة الفقر تبدأ في العام 2017 وتستمر أربع سنوات. كذلك يلفت الإنتباه أن دولة نفطية كُبرى قياساً بالإنتاج وعضواً في اﻟ «اوبيك» وهي الجزائر طلب رئيسها عبدالعزيز بوتفليقة من الوزراء والمؤسسات ذات الإختصاص المباشرة بتنفيذ «وثيقة التقشف» التي وضع توقيعه عليها وجاءت نتيجة وطأة الإرتباك في أسعار النفط. وعلى هامش التوقيع أفادت تقديرات مختصين بأن عدم وضْع الوثيقة موضع التنفيذ الدقيق فإن الجزائريين سيجدون أنفسهم في المستقبل يعيشون في دولة على مشارف الإفلاس.

ثمة الكثير من الأمثلة في هذا الشأن الذي نشير إليه. وثمة الكثير من الإفتراضات الممكنة الحدوث ومنها تطور الصراع السياسي الدولي وتحديداً الصراع الروسي – الأميركي إلى حرب ساخنة لا تقتصر على الدولتيْن.

ومِن هنا كانت وقفتنا أمام ما يحدث في بعض أقطار الأمة مستحضرين خطوة إتخذتْها الشهر الماضي الحكومة الألمانية وتمثلت بدعوة مواطنيها إلى تخزين المواد الغذائية. وعندما تفعل ذلك الدولة الأوروبية الأكثر إقتداراً مالياً فهذا يعني أن التقشف ربما يواصل التمدد عبْر الحدود العربية وربما عبْر الأطلسي.

في ضوء ذلك تصبح دعوتنا إلى قمة التآلف التي تواجه إحتمال إنتشار نار الصراعات السياسية والعسكرية في هشيم أحوالنا الإجتماعية، نوعاً من العلاج الذي لا بد منه … وعلى وجه السرعة. فهل من مرجعية عربية رسمية تدعو إلى ذلك وتستضيف القمة. عسى ولعل.