صنّفت الحكومة الأوسترالية، أمس، «حزب الله» بأسره «منظمة إرهابية»، لتوسع بذلك نطاق العقوبات التي كانت تشمل حصراً الجناح العسكري لـ»لحزب» الى جناحه السياسي ومؤسّساته المدنية.
وقالت وزيرة الداخلية الاوسترالية كارين أندروز، بحسب وكالة «فرانس برس»: «إنّ الحزب المسلّح المدعوم من إيران، يواصل التهديد بشنّ هجمات إرهابية وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية، ويشكّل تهديداً حقيقياً وموثوقاً به لأوستراليا».
وعلى أثر صدور القرار، دان «حزب الله»، في بيان، «بشدة قرار السلطات الاوسترالية تصنيف «حزب الله» بأسره منظمة ارهابية»، واعتبر أنّه «انصياع ذليل للإملاءات الاميركية والصهيونية، وانخراط أعمى في خدمة المصالح الإسرائيلية وسياستها القائمة على الإرهاب والقتل والمجازر».
وأكّد «الحزب» أنّ «هذا القرار وما سبقه من قرارات مماثلة، والتي أقدمت عليها بعض دول الغرب المنحازة ضد شعوب هذه المنطقة وقضاياها العادلة وحقها بالتحرُّر والاستقلال، لن يؤثر على معنويات شعبنا الوفي في لبنان، ولا على معنويات الأحرار والشرفاء في العالم بأسره، ولا على موقف «حزب الله» وحقه الطبيعي بالمقاومة والدفاع عن بلده وشعبه ودعم حركات المقاومة ضدّ الاحتلال والعدوان الصهيوني».
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت قد رحّب بالقرار الأوسترالي، وشكر «صديقه» رئيس الوزراء الاوسترالي سكوت موريسون على هذه الخطوة. وقال بينيت في «تغريدة»: «حزب الله» منظمة إرهابية مدعومة من ايران في لبنان، ومسؤولة عن هجمات لا تُحصى في اسرائيل وفي العالم».
مصدر سياسي معارض، سخر من الكلام القائل ان «حزب الله» اعتاد على هذا النمط من القرارات والعقوبات، لأنه بقدر ما يزيد عدد الدول وتنخرط في عملية تصنيف الحزب بالارهابي، يتحوّل «حزب الله» الى فريق غير معترف به دولياً، ويزداد الطوق عليه، وتزداد عزلته مع الوقت، ويصبح غير مرحّب به ولا يمكن تشريع وجوده، وهذا يؤثر في وضعيته مستقبلاً».
ويقول: «بقدر ما يتوسّع نطاق تصنيف الحزب بالارهابي بقدر ما يضيق هامش حركته السياسية. إذ لا يمكن لأي فريق ضمن اي دولة ان يعمل سياسياً ووطنياً اذا كان مصنفاً بالارهابي من قبل المجتمعين العربي والدولي. فداخلياً، تتكبّل حركته وخريطة تحالفاته سياسية كانت أم انتخابية، وتضيق امكانية التعاطي معه على كل الصعد. وخارجياً، ينعكس التصنيف سلباً على بيئته الموجودة في الدول التي أقرّت العقوبات، وتصبح مكشوفة أمام العالم خصوصاً اذا كانت على صلة بحزب الله «الارهابي»، وقد تتعرض للطرد. وبالتالي، يزيد الحزب بشكل غير مباشر من حصاره على بيئته الشيعية الموجودة في الخارج. والدليل اعتراف الحزب في المشاورات الداخلية حول القانون الانتخابي عدم قدرته على تنظيم حملات انتخابية في الخارج، والسبب أنه معاقب ومحظور. وكل من يتفاعل معه يعاقب ويطرد».
ويذكّر المصدر المعارض بأنّ «هذا التصنيف من قبل المجتمعين الدولي والعربي، لا ينطلق من أساس سياسي، ولو أنّ التصنيف شمل الجناحين السياسي والعسكري للحزب، بل من أساس معلومات موثقة تثبت ممارسات «حزب الله» وعدائيته».
ويضيف: «عندما تم تسليم لبنان للنظام السوري، سُلّم لدولة معترف بها دولياً وأُعطيت وظيفة في لبنان كتعبير عن دور قامت به في حرب الخليج، لكن الامر يختلف مع «حزب الله»، اذ لا يمكن لمجتمع دولي ان يعطي الضوء الاخضر لمنظمة يعتبرها «عرفاً» «إرهابية»، لأنها تحكم لبنان، بل بالعكس، يؤكد التصنيف مجددا أن لا تسويات يمكن ان تتم مع الحزب على غرار ما حصل مع النظام السوري، ولن يعطي المجتمع الدولي اي امتياز سياسي لهذا الفريق لكي يحكم لبنان».
وفي الإطار، يشدد المصدر المعارض على ان «أي تسوية في لبنان ستأخذ في الاعتبار وضعية «حزب الله» ونشاطاته غير المرحّب بها ان على صعيد زعزعة الاستقرار ودوره الأمني وانشاء الخلايا الارهابية في الخارج. وهذا أمر ينتقص من دوره، اذا تحوّل إلى مطلوب اميركياً وأوروبياً وخليجياً، لذلك لا يجب ابدا التقليل من الاجراءات الدولية».
استغلال هذه الإجراءات في الداخل غير متاح كثيراً، بحسب المصدر، لأنّ المواجهة لا تتم إلا من خلال قواعد ثلاث: أولاً، اما على قاعدة السلاح لا يواجه الا بالسلاح وهذا غير وارد في لبنان. ثانياً، إما على قاعدة عدم التعاون، أي عدم تَساكن القوى السياسية في سلطة واحدة مع الحزب، وهذا امر يقتصر على «القوات» فقط وبعض القوى السيادية الاخرى. وثالثاً، على قاعدة التعاطي معه كأمر واقع كبعض الأطراف التي لا تزال تُساكن الحزب. وبالتالي، تحويل هذه الاجراءات إلى مصيدة داخلية للحزب غير متاح، لكن لا يمنع أنّ «حزب الله» سيتحوّل أكثر وأكثر عبئاً ثقيلاً على الواقع السياسي برمته».
أمّا تأثير هذه العقوبات على مشروع الحزب ومن ورائه دور ايران في لبنان والمنطقة، فإنّ المصدر المعارض يُذكّر بأن «إيران أيضاً تعيش تحت سيف العقوبات، ونتيجة لهذه العقوبات هي في أزمة اقتصادية كبيرة منذ فترة طويلة، مواطنوها يجوعون، واقتصادها غير معافى. وبالتالي، ولو ان طهران تعتبر ان «حزب الله» هو اول وأقدم ذراع لانتشار الثورة الايرانية وجزء من انتشار عقيدتها ودينها ولن تتخلى عنه ويعطيها في الوقت نفسه دوراً إقليمياً كبيراً، لكن هذا الدور هو تعطيلي. فقوة ميليشياتها تعطيلية من لبنان إلى العراق إلى اليمن، وهذا يخلق نقمة شعبية وهو ما تجلى في العراق أخيراً. من هنا، فإن الإجراءات الدولية بحق الحزب لا بدّ ان تؤثر مع الوقت في حركة علاقات «حزب الله» الخارجية ومشروعه ومشروع ايران في لبنان والمنطقة».