من المرجح أن يحدد الرئيس ميشال عون، في الأسبوع الطالع، موعد إستشارات التكليف النيابية الملزمة التي، لا شك، في أن الوقت قد طال كثيراً دون بدئها. صحيح أنّ المرحلة ضاغطة داخلياً وإقليمياً ودولياً، ما يُترجم مطلبياً يقود إلى إنتفاضة شعبية غير مسبوقة في لبنان. ولكن ماذا عن التأليف؟
فعلى إفتراض أنّ التكليف أُعلن في الساعات أو الأيّام المقبلة، فإنّ الأزمة الأكبر ستكون في التأليف.
والسؤال البديهي: كيف التوفيق بين مطالب الثورة بحكومة تكنوقراط برئيسها وأعضائها، كما يقول الثوار، وحكومة مختلطة كما يقول التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي وسائر الحلفاء؟
والسؤال الثاني: ماذا لو تم التكليف وتعثر التأليف؟
وإستطراداً: هل من السهل رمي تشكيلة حكومية في وجه الفريق الذي لا يريدها، والقادر على إسقاطها في مجلس النواب كونه يملك الأكثرية في المجلس؟ فماذا يكون المصير في هكذا حال؟ وما هو الإنعكاس على القطاعين الإقتصادي والمالي المتلازمين وهما، أساساً، في وضع أكثر من مهزوز، بل إنه تجاوز شفير الهاوية وبات في منحدرها؟
ثمّ، إذا حصل الإنهيار الكامل كيف سيكون الوضع إقتصادياً ومالياً ومعيشياً وأمنياً؟ إن الناس بدأت تأكل بعضها. فما تعرّضت له الليرة من إنهيار مروّع أمرّ معروف وقد عانى منه اللبنانيون إلى أبعد الحدود، والسلع الأساسية في الغذاء وسائر متطلّبات الحياة إرتفعت أسعارها إلى مستويات تواكب تدهور العملة وتنعكس ضغوطاً هائلة على المستهلك في وقت باتت أكثرية الشعب اللبناني عند خط الفقر وتحته أيضاً.
علماً أن سلعاً عديدة لحقها الإرتفاع الجنوني في سعرها من دون أي مبرّر، خصوصاً أنّها ليست مستوردة بالدولار أو بسواه من العملات الصعبة.
ومن ثمّ بدأ الهمّ الأمني يطرق الأبواب، لا شك في أن الناس في الشارع، في معظمهم بل في أكثريتهم الساحقة هم من دعاة السلام الأهلي عن حق وحقيق. والأكثر: فإن ما شاهدناه أخيراً (ونوهنا وأشدنا به في عجالة سابقة) يؤكد على رغبة عميقة في الشعب اللبناني إلى السلام، وهو مؤمن بالاخوّة بين اللبنانيين… ولكنّ المندسين موجودون ومتحرّكون وتفرد لهم المنابر والساحات… وليس مستغرباً أو مستبعداً أنْ يستغل العملاء والجواسيس وجماعات المخابرات الأجنبية طيبة الناس، حيثما وجدوا، وصدق الناس، وحماسة الناس لمطالبهم، المحقة، من أجل الجنوح بالأحداث إلى المناحي الخطرة.
ثقتنا كبيرة بشعبنا، ولكننا ندرك أن المخطّطات قائمة والإستغلال موجود، والمتربّصين شراً بلبنان لن يستكينوا… حفظ الله لبنان وشعبه.