IMLebanon

صورة قاتمة

 

 

بعد الشغور الرئاسي في إيران، الذي نجم عن مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية الإيراني عبداللهيان، تأجّلت المواعيد والأجندات كلها، في بلاد الشرق الأوسط، على الصعيد الحربي الجاري في ساحات المنطقة، وخصوصا، الحرب بين إسرائيل وحماس، وما يتصل بها من مطاردات عسكرية ولوجستية بالغة التأثير.

تنتظر أوراق حرب غزة والجنوب اللبناني، أقلّه زهاء الخمسين يوما، حتى يعاد تركيب السلطة في إيران.

 

وتحت هذه العتمة الثقيلة والمداهمة، والتي لم تكن في الحسبان، باتت الصورة قاتمة للغاية. لأن العدو الإسرائيلي، سوف يتحرك بكل حرية، وسوف ينشط آلته العسكرية على جميع الجبهات، مستغلّا إنشغال إيران الراعية لجبهة المقاومة والممانعة، بمراسيم الحداد، و بالترتيبات الداخلية، لملء الشغور الرئاسي، وبعده الحكومي أيضا.

تحت ظل هذه العتمة الثقيلة المداهمة، تحضر إسرائيل لإستغلال هذا الوقت الضائع، على جميع الصعد:

1- فهي تكثّف نشاطاتها العسكرية في غزة، حتى لا تبقي حجرا على حجر فيها. تجرف ما تبقّى أمامها من معوقات الصمود عند حماس، ومن إمكانيات العيش عند أهل غزة، وتجرف مع ذلك كله، تاريخ غزة في كنوزها الأثرية، وفي مبانيها الإدارية، وفي مؤسساتها التعليمية، وفي أسواقها التجارية، وفي معابدها كلها، بحيث لا تدع شيئا صالحا فيها، بحيث لا تترك شيئا يستحق المحافظة عليه، أو يستحق البقاء. وتحيل غزة ومدن وقرى القطاع إلى قفر بلقع، يصلح لإقامة المستوطنات والمستعمرات اليهودية، بإعتبارها أرضا خالية من الناس، ومن كل أشكال الحياة، تحتاج إلى إعمار. و«من أقدر من المحتلين والمستعمرين، من إعادة إعمارها.!» كجاري العادة عند سقوط البلدان.

 

2- بالمماثل، لا يستطيع أحد أن يتكهن ماذا ستفعله إسرائيل في الجنوب اللبناني، وما ستقوم به من مطاردات لقوى المقاومة حزبا وفصائل وسرايا جهاد، في جميع أنحاء البلاد. ففي حوزتها لائحة أهدف مؤذية للبنان الذي ترى فيه الحاضن الأساسي والتاريخي لقوى المقاومة كلها. ولهذا يخشى اللبنانيون، أن تستغل إسرائيل الصورة القاتمة، وتتسلل للقتل والاستهدافات المتنوعة، وللنشاطات التخريبية فيه، بهذه الحجّة أو تلك. وهي التي تعتبر لبنان كله عدوا لها، إنطلاقا من مما يعتبر عند اللبنانيون جميعا، أن إسرائيل هي العدو التاريخي للبنان. وهي لذلك قد تستهدف المصالح المدنية العامة، التي تعتبر الشريان الحيوي للبنانيين، كجاري عادتها، في حرب تموز 2006، حين إستهدفت الجسور من أقصى لبنان إلى أقصاه، وحين إستهدفت شبكات الماء والمضخات، وحين إستهدفت أيضا، شبكات الكهرباء ومراكز توليد الطاقة، ومراكز التوزيع أيضا. وأخشى ما يخشاه اللبنانيون، أن يطارد الإسرائيليون الشخصيات، بالصور والأسماء، في سياراتهم وفي دورهم وفي أماكن تواجدهم، بناء لإشارة العملاء الذين زرعتهم وتعهدتهم، وأشرفت على تدريبهم. ومن ثم جنّدتهم للعمل في أوقات الهدنات التي تسعى إليها، حتى تستكمل خططها، تحت ظلال العتمة السياسية الشاملة.

3- ولا شك أن الحرب الإسرائيلية موصولة بجميع الساحات. فمن الممكن أن تستغل الظروف السياسية الطارئة في إيران، لمتابعة نشاطاتها العسكرية في سورية، بحيث تعبر طائراتها الشبحية، وكذلك مسيّراتها، الأجواء بسهولة وحرية، أكثر من السابق، وتفعل ضرباتها في المناطق التي يتواجد فيها رجال الحرس الثوري الإيراني، ورجال حزب الله، ورجال سائر القوى الممانعة، فتكون ضرباتها أكثر أذيّة، وأبلغ ضررا. وهذا ما يجب أن تحسب له الحسابات، في طول بلاد سورية وعرضها، لأن الذراع الإسرائيلية الطويلة، تصطاد في العتمة المدلهمة بالحرب اللوجستية السرية، أكثر مما يتسنّى لها صيده، في زمن الحرب المكشوفة والعلنية.

4- ويجب أيضا على قوى المقاومة في العراق واليمن، أن تكون على يقظة من خطط إسرائيل العدوانية في الوقت الضائع. فهي من نوع العدو الغدار المخادع، وهي تسخّر جميع قواعدها العسكرية، وجميع مراكزها التي تتستر عليها، في البلدان التي توجد لها يد فيها، وخصوصا أجهزة الموساد وتنظيمات العملاء والحلقات الخفية والعلنية، لشنّ أعمال عدوانية، في ظل هذة الفترة القاسية التي تمرّ بها إيران، عنيت مرحلة الخمسين يوما، لملء الشغور الرئاسي ولملء الشغور الحكومي.

5- ومن هذا المنطلق نحذّر من الشلل السياسي والإداري واللوجستي، في الدولة الإيرانية، لأنها مركز القرار، ومن الطبيعي جدا، أن يخشى الناس، قبل المجاهدين على حياتهم وممتلكاتهم وعلى الأملاك العامة التي في بلادهم، لأن مثل هذا العدو الإسرائيلي الغاشم، لا يرحم، إذا ما وجدت له ظروف التسلل، إن للعبث أو للترويع، أو للتخريب، إذا ما كانت الصورة قاتمة في البلاد.