يستبعد متابعو مراحل تأليف الحكومة الوقوع في الجرجرة طويلاً. ويجزمون بأنّ الأيام الطالعة ستحمل «النبأ السار» الى اللبنانيين الذين ستطالعهم حكومة «جديدة» بالمعنى الحقيقي للكلمة، نظراً لما ستكون عليه:
١- هي حكومة جديدة لأنه للمرة الأولى تقريباً في تاريخ تشكيل الحكومات في لبنان، لن يكون فيها أحد من أصحاب الأسماء المعروفة ولا المستهلكة ولا التي تثار حولها علامات استفهام.
٢- وهي ستكون حكومة جديدة لأنها ستكون خالية من الأقطاب إن في رئاستها أو في عضويتها.
٣- وهي جديدة، عندما تصدر مراسيمها وقد تقلص عديد أعضائها وستكون المرة الأولى، منذ نحو عقدين ستشكل حكومة لا يرقى عدد وزرائها الى الثلاثين.
٤- وستكون حكومة جديدة لأنّها ستضم غير وزير تُسند اليه حقيبتان وربما أكثر علماً أن هذا ليس جديداً في المطلق إذ طالما عرف لبنان وزراء أسندت إليهم ثلاث وأربع حقائب، خصوصاً الحكومات الرباعية التي شُكلت قبل الحرب إذ كان بعضها يضم أربعة أعضاء بمن فيهم رئيسها، مثل حكومة من حسين العويني ورشيد كرامي وبيار الجميل وريمون إده، وكان كل منهم وزيراً لأربع حقائب.
٥- وهي ستكون حكومة جديدة لأنّها الأولى التي ستشكل بعد نحو 80 يوماً (إذا شكلت خلال الــ48 الساعة المقبلة) من الحراك في الشارع، وتحت ضغط الانتفاضة وستبادر إلى تبني مطالب الثورة كلياً أو جزئياً.
وقد يكون «الحبل على الجرار» في ما سيطبع حكومة الدكتور حسان دياب بالجدّة. إلاّ أنّ الأبرز من هذا كله هو كيف سيستقبل الشارع هذه الحكومة.
لدى مراجع أمنية وسياسية معلومات «أكيدة» تفيد بأنّ انقساماً حاداً في الشارع سيُسجّل فور إصدار المراسيم. فالثورة ستنقسم الى طرفين أحدهما سيرفض رفضاً باتاً قاطعاً. والثاني سيقول بمنح دياب وأعضاء حكومته «فرصة» ليثبتوا أنهم على خطى الثورة سائرون… وأنّ الفريق الأوّل الرافض بالمطلق، لن يقبل بمنح أي فرصة لأنّ الحكومة حتى وإن كانت من التكنوقراط برئيسها والأعضاء إنما دياب أخذ موافقة الطاقم السياسي قبل التشكيل. وبالتالي فإنّ الحكومة ستكون حكومة تكنوقراط في الواجهة وحكومة سياسية في العمق…
وما سوى ذلك فذر للرماد في العيون. وأمس، بالذات شاهدنا واستمعنا الى موقفٍ للانتفاضة كان طرفاه الرئيسان، في ساحة الاعتصام والتظاهر، يختلفان على: هل نمنحه الفرصة أو لا نمنحه لأنّ النتيجة معروفة سلفاً فالوزراء الآتون الى الحكم ينتمون الى المرجعيات السياسية أولاً وأخيراً.
وفي تقديرنا أن هذا السؤال سيكون مركزياً منذ ساعة إعلان تشكيل الحكومة الى ما سيترتب على التأليف من نتائج نأمل ألاّ تكون لها تداعيات.