يفترض أن يوضع مشروع قانون الانتخابات، بصيغته الثالثة، للوزير جبران باسيل على المشرحة السياسية رسميا اليوم. حيث يفترض أن تتوقف الاستنتاجات والتخمينات، ويبدأ النقاش على أوراق مكتوبة.
والمتسرّب من المشروع انه مختلط، بين فصيلة مشروع التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، الذي استضاف المؤتمر التنظيمي الثاني لتيار الجمهورية بحسب التسمية الجديدة للتيار الوطني الحر، في قاعة البيال أمس.
مشروع القانون المقترح يقوم على المناصفة بين النسبي والأكثري، ويقال انه يعتمد انتخاب كل طائفة لنوابها، على غرار القانون الأرثوذكسي، مع فارق ان الأخير يعتمد المذهب بينما الباسيلي يعمل على الطائفة…
وتشمل المناصفة الدوائر، ان كان عدد النواب مزدوجا، أما اذا كان بالمفرد، فالزيادة لمصلحة النسبوية.
النائب عمار حوري نفى علمه بأن تكون كتلته وافقت على هذه الصيغة، التي وصفها البعض بمتعددة المعايير والمتفاوتة الأرقام المحصلة، بين نائب وآخر ومنطقة وأخرى، ما يجعل المناصفة المقررة على المستوى الطائفي، هدفا لسهام المتربصين شرّا، بالشركة والمحبة التي ينادي بها غبطة البطريرك الراعي، وغايتهم اسقاط التداخل الوطني، والعيش المشترك. وهذا ما قصده رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط أمس، عندما أيّد النسبية بالحد الأدنى من الشراكة، لا النسبية التي ترسي الطلاق والقوقعة…
طبعا، النقاش الحاسم يبدأ مع اعلان الوزير باسيل مشروعه رسميا اليوم، مرفقا بالأسباب الموجبة والمسوغات الوطنية، لا الذاتية، ولا الفئوية، بدليل ما أعلنه باسيل في بيال أمس، من انه لا يريد قانون انتخابات بمصلحة رئيس التيار ولا تحالف انتخابي لمصلحته أيضا.
على أن باسيل طرح مجددا مسألة تعديل النظام الذي ليس مقدسا وعلينا ان لا نخاف من امكان تعديله تحت سقف الدستور وضمن قواعد النظام والتوافق، تسهيلا للعملية الاصلاحية. لكن هذا الطرح قد يفتح سجالا اضافيا، في فترة التخبّط الانتخابي، كونه سيعيد نبش معادلة البيضة قبل الدجاجة أو العكس، وبالتالي المطالبة بتطبيق اتفاق الطائف قبل التفكير بتعديله.
وتذهب بعض الأوساط المستقلة النهج، الى التحذير من استقدام الفكر الأردوغاني الى لبنان، وطبعا هذا ليس في الوارد ولا بالمستطاع، في الظروف اللبنانية والاقليمية الراهنة، ولا هو أساسا في تفكير الوزير باسيل، ولا بالطبع لدى الرئيس ميشال عون، إلاّ أن مجرد طرحه في هذا الوقت السياسي المأزوم، يفسح في المجال لشتى التأويلات والتفسيرات، المتجاوزة لنيّات مطلقها، في بعض الأحيان.
وتقول الأوساط عينها، ان الغليان الاقليمي يفترض ان يأخذ من اهتمامات اللبنانيين أكثر من الحاصل، وان الانشغال بالانتخابات وقانونها لا يجب أن يصرف النظر عن النيّات الاسرائيلية المبيتة، والمعبّر عنها بجولات نتانياهو شرقا وغربا، ومتاجرته ببعض التصريحات ذات الطبيعة التعبوية، أكان في لبنان أو في خارجه، وغاية هذه الجولات، ان لم يكن التحضير للعدوان، فلاستثماره في حقل الدعم المالي والسياسي، عبر ادعاء الاستهداف الارهابي، وسواها من الادعاءات الاسرائيلية التقليدية كالعادة.
واذا أضفنا الأوضاع المضطربة في المخيمات الفلسطينية، معطوفة على اقتراب النار السورية من بلدات سلسلة جبال لبنان الشرقية، نصل الى نتيجة واحدة، وهي ان هامش الوقت اللبناني المهيّأ للضياع، أصبح ضيّقا للغاية. وبات ما يحتاجه اللبنانيون اليوم، مشروعا واحدا للحل، لأنهم موحّدون بالأزمة، أزمة الحياة السياسية الناجمة عن طوف الأحزاب وندرة الحلول.