كانت الحاجة لتفحّص سيرة اواديس كدنيان جيداً أكثر من ضرورية، للتأكد من أن الوزير الأرمني الجديد، ليس بطارئ على العمل الحزبي في «الطاشناق»، ولا على العمل السياسي اللبناني، وتحديداً الانتخابي، في قضاء المتن الشمالي حيث معقل الأرمن.
الأكيد أنّ من سمع اسمه خلال تلاوة مرسوم التشكيلة الحكومية، ظنّ أنه أحد مسؤولي «الطاشناق» الذين غالبا ما تختارهم القيادة لاعتبارات تخصها وحدها وتبقى مجهولة بالنسبة للآخرين.
ولكن حين ظهرت صورته على الشاشة، تيّقن متابعوه أنّ «النجم الجديد» هو «أفو» Avo نفسه، خبير الانتخابات في برج حمود، الذي يعرف ناخبي طائفته، فرداً فرداً، ويعرفه المتنيون كما البيارتة وخصوصا المفاتيح الانتخابية ورؤساء بلديات ومخاتير، كما يعرفون أنفسهم!
بدأت تجربته الانتخابية في عام 1992، حين تولى للمرة رئاسة ماكينة «الطاشناق»، وآخرها كان في العام الماضي خلال الاستحقاق البلدي، حيث فنّد من جديد لوائح الشطب المتنية وتحديداً في الساحل وفي قلب العاصمة ليُعاد تنقيح تفاهم قديم مع «تيار المستقبل»، ويثبت الحزب الأرمني من جديد أنّه «قوة ضاربة» لا يستهان بها.
يمكن له في أي لحظة أن يعدد غيباً، عدد المقترعين الأرمن في انطلياس مثلاً، وعدد السيارات التي يحتاجها الحزب لتأمين وصول هؤلاء، وفي أي ساعة اقترعوا، وأين وقع الحلفاء في الأخطاء وما هي «خطاياهم»، ومن هم أصحاب اللوائح الملغومة، ومن وضعها…
باختصار، هو موسوعة انتخابية، لديه القدرة أن يقدّر مسبقاً نتائج صناديق الاقتراع وأهواء المقترعين. وفي الأشهر الأخيرة كانت له إطلالات إعلامية متصلة بالشأن البيئي وتحديداً في ما يخصّ مكب برج حمود بصفته نائباً للأمين العام.
كل من يعرفه يناديه بتصغير اسمه «آفو». حتى حين تولى نيابة الأمانة العامة في الحزب، لم يتخلَّ عنه. يجمع الرجل بين حنكته الانتخابية التي يعرف زواريب لعبتها جيداً، ولوائحها الملغومة، وتركيبات لياليها التي تمحو اتفاقات نهارها… وبين نظرته المبدئية للإعلام والتي تظهّرت خلال فترة توليه رئاسة إذاعة «راديو فان».
يقول أحد العاملين معه إنّه كان يغلّب دوماً الأخلاقيات على أي «سكوب» إعلامي. أكثر من ذلك كان ميالاً الى القضايا التربوية والإنسانية أكثر من حماسته للبرامج التجارية التي قد تدرّ المال للمؤسسة.
يتقن اللغة العربية إتقاناً جيداً جداً. شخصية هادئة، قادرة على إيصال أفكارها بوضوح وسلاسة لوضعها موضع التنفيذ. يتّسم بحسن الاستماع والتخطيط بهدوء. بمقدوره استيعاب كل من حوله، لذا نادراً ما تراه غاضباً، أو متقصداً استفزاز الآخرين. ويجمع عارفوه على أنّ بصمته في وزارة السياحة ستكون جلية.