IMLebanon

تفادوا روائح الصفقات اليوم لئلا تصلوا إلى الروائح الكريهة غداً

صمت دهراً ونطق كفراً، هذا ما يقوله المثل، لكن وزير الطاقة صمتَ دهراً لكنه نطقَ حقيقةً أما القهر الذي مارسه فهو إطالة مدة صمته وعدم تكلُّمه قبل هذه الفترة.

الحكومة عمرها أكثر من عام، وزير الطاقة تسلَّم الوزارة من حليف له إلى درجة أنَّه لم يُحضِر معه أحداً إلى الوزارة، لأنه اعتقد أنه يستطيع أن يكون وزير المرحلة. اليوم ينبري الوزير الصامت فيقول:

أعطوني مليار دولار وخذوا الكهرباء، أنا أعرف أنَّ أموالاً طائلة أنفقت من دون جدوى على هذا القطاع.

كلُّ مَن يقرأ هذا الكلام مُلزَمٌ بأن يعتبره إخباراً، بمقدار ما إنَّ الوزير مُلزَمٌ بتوضيح النقاط التالية:

لماذا يريد المليار دولار، وقد أُنفِق حتى الآن أكثر من عشرين مليار دولار؟

ماذا يقصد بكلامه إنَّ أموالاً طائلة أنفقت من دون جدوى على هذا القطاع؟

مَن أنفقها؟

في عهود مَن من الوزراء؟

لماذا لا يُسمِّي بل يكتفي بالتلميح؟

نعرف أنَّ الوزير أرتور نظاريان ليس مسؤولاً عن العتمة والظلمة والتقنين، لكن مسؤوليته في صمته لسنة ونصف سنة! من أين نأتي له بالمليار دولار وقد أودع اللبنانيون في وزارة الطاقة كلَّ ما في جيبهم؟

***

لا يكتفي وزير الطاقة بهذه الفضيحة الكلامية، بل يضيف إليها سلسلة من الفضائح وفي طليعتها تطرقه إلى المعجزات والأعاجيب، فيقول بكلِّ ثقةٍ بالنفس:

لا حلَّ لأزمة الكهرباء في المدى القريب، إن زمن المعجزات والأعاجيب ولَّى، وأنا واقعيٌّ جداً، ولا أريد أن أطلق وعوداً لا أستطيع تحقيقها، خصوصاً أنّه ليست بحوزتي الأدوات الضرورية فهل آتي بالكهرباء من بيت بيّي؟

لا يا معالي الوزير، ليس بالضرورة أن تأتي بالكهرباء من بيت أبيك، كما تقول، بل من حيث دفع اللبنانيون من عرق تعبهم، فاعتقدوا واهمين أنَّ ما دفعوه سيحقِّق لهم الكهرباء لكنهم خُدِعوا مرةً جديدة.

***

إنَّ فضيحة العصر تتمثَّل في أنَّ المعنيين، بدلاً من أن يؤمِّنوا التيار فإنهم يعمدون إلى تنظيم التقنين، وهذا عيبٌ ما بعده عيب، لكنه يفتح فرصةً على التغيير على طريقة النفايات! نعم على طريقة النفايات. فبعد هذه الأزمة ألم يكن أحد الحلول هو أنَّ كلَّ بلدة وكلَّ مدينة تتولى نفاياتها؟

فلماذا لا تتولى كلُّ بلدة وكلُّ مدينة توفير التيار الكهربائي لنطاقها الجغرافي؟

هكذا نتخلَّص من معاناتنا مع المعامل ومع البواخر ومع أزمات المياومين ومع الإنبعاثات الحرارية السامة.

***

آن الأوان لمعالجات جريئة لأنَّ المعالجات على طريقة المسكِّنات لم تعد تجدي.

وحبذا لو تكون معالجة مسألة النفايات نهائية وجذرية لئلا نقع مستقبلاً بما وقعنا به اليوم، والتحدّي كلُّ التحدّي يبدأ غداً الجمعة عند فضِّ عروض المناقصات، لجانب رئيس الحكومة ووزير البيئة الذي أهمل ملف النفايات ليصل ربما الى ما وصلت اليه، وللأسف يُعرف أنَّ لا مشكلة أساساً في إزالة النفايات، بل إنَّ الحكومة وقعت في الخطأ لعدم إيجاد حلّ لمطمر الناعمة وكان لديها فترة زمنية طويلة بعد 350 رسالة وجهها إليها السيد ميسرة سكر، ولا من سميع ومجيب.

وكي لا تمر الأمور الملتوية اليوم كما يبدو فندفع ثمنها مستقبلا،ً ولنتفادى روائح الصفقات لئلا نصل إلى الروائح الكريهة مستقبلاً.