من الشغور الرئاسي الى الشغور الحكومي، معادلة طائفية «دستورية» مناصفةً بين المسيحيين والمسلمين.
الذريعة هذه المرة تعتمد التصارع على الحقائب السيادية وعلى الوزارة التي يُطلق عليها لقب وزارة «الزفْت».
عندما ترتبط الوزارة السيادية بالطائفة، يصبح هناك طوائف سيادية وطوائف ثانوية وهذا يخلق لنا مشكلتين:
– مشكلة بين الطوائف…
– ومشكلة مع الله…
كان يمكن أن نصدّق أنَّ تأليف الحكومة معلَّق على «زفْت» وزارة الأشغال تلك البقرة الحلوب التي تدرّ اللَّبن الأسود على أبواب الإنتخابات النيابية ولأنّ التشريع عندنا يتولّاه «زفّاتون» لا برلمانيون.
وكدنا نصدّق شريعة الزفت لولا:
أولاً: بعض الظواهر التي تبدو معها وزارة الأشغال كأنها بطاقة «صفراء» تُرفع كالتحذير في وجه العهد.
ثانياً: لو لم تظهر قشعريةٌ من القلق والرفض لِما اعتُبر ورَماً وزارياً «قوَّاتياً» بطَّنَتْه «ورقة إعلان النيات»، وبالإذن من الشاعر المتنبي:
أُعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً أنْ تحسبَ الشحمَ في مَـن ْشحمُهُ وَرَمُ
ثالثاً: لو لم يتضمن خطاب القسم إشارة «الإبتعاد عن صراعات الخارج» والتي استدرَجَتْ قبائل الصحراء بما يشبه الغزو سعياً وراء العشب والماء.
رابعاً: لو لم يتمّ الإعلان عن الزيارة الأولى للحجّ، ولمكَّةَ المكرمة وحدها يُنسبُ الشعار القائل: «تُزارُ ولا تزورُ».
خامساً: لو لم يكن هناك شياطين يرتدون أثواب الملائكة ويسعون وراء «قانون الستِّين».
سادساً: لو لم يكن الدعم للعهد كحليفٍ داخلي واستراتيجي معاً لقاء مقابل، ولن يكون هذا المقابل انتفاخ حزب القوات اللبنانية حتى ولو كان الإنتفاخ ورماً.
ولأن هذه الإشارات المرمَّزة قد أدَّتْ مراميها الهادفة وقد تلقَّفها بمهارة بارعة الوزير جبران باسيل في تصريح وازنٍ وموزون بعد ترؤُّسه الإجتماع الأخير لتكتل الإصلاح والتغيير، فلم يعد التكثيف من «مطبَّات الزفت» حائلاً دون عربة التأليف.
ولا يبقى والحال هذه أمام العهد وهو قائد عسكري إلا أن يقتحم الحقول الملغومة بكاسحة للألغام، وبما يشبه «ورقة تفاهم» من نوع آخر مع حزب الله، وورقة «إعلان نيات» أخرى مع حزب القوات، إنطلاقاً من اختلاف موقعه الرئاسي في التيار الوطني الحر، عن موقعه الرئاسي في القصر الجمهوري الوطني الحر.
ولا يمنع مع ذلك من أن يحتفظ العهد بقول للإمام علي بن أبي طالب:
«ربِّ نجِّني من أصدقائي أمّا أعدائي فأنا كفيل بهم».