Site icon IMLebanon

الدور الفرنسي بين أميركا وإيران

منذ أن دخل الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى البيت الأبيض أراد تحقيق ما تعهّد به في حملته الانتخابية وبالذات في ما يتعلق بالخروج من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين واشنطن وطهران في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بعد سنوات مضنية من المباحثات التي شاركت فيها مجموعة الدول الخمس زائدة واحداً.

 

ونفذ ترامب إلتزامه وأعلنت واشنطن عن عقوبات قاسية على إيران في 5 تشرين الثاني 2018، ثم في الثاني من أيار 2019 بدأت بتطبيق العقوبات «المشدّدة» على إيران والتي مهدت لوقف تصدير النفط الايراني، وبرغم اعتراض كل من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا على العقوبات، وتعهدت بدعم الشركات الأوروبية التي لديها علاقات تجارية مع إيران، وأسّست آلية بديلة لدفع الأموال، لتساعد تلك الشركات على التجارة، من دون مواجهة العقوبات، وحذر ستيڤن منوشين وزير الخزانة الاميركي قائلاً «واشنطن سوف تستهدف بقوة أي شركة أو منظمة تتحايل على عقوباتنا»، ومنحت إدارة ترامب استثناءات لثماني دول لاستيراد النفط من إيران يعتقد من بينها إيطاليا، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والصين. قال بومبيو: «إنّ الدول الثمانية حققت بالفعل إنخفاضاً كبيراً في وارداتها من النفط الخام الايراني، لكنها بحاجة الى المزيد من التخفيض للوصول الى الصفر»، وصرّح ان اثنتين من تلك الدول سوف توقف الاستيراد بالكامل.

 

وأضافت وزارة الخزانة أكثر من ٦٠٠ فرد وشركة على قائمة العقوبات، بما في ذلك البنوك الكبرى، ومصدّري النفط وشركات الشحن، وصرّح بومبيو ان أكثر من ١٠٠ شركة عالمية كبرى انسحبت من إيران، بسبب العقوبات وأنّ صادرات إيران النفطية انخفضت، بنحو مليون برميل يومياً، ومن المحتمل ان تقطع جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك «سويفت» اتصالاتها بالبنوك الايرانية المستهدفة بالعقوبات، مما سيعزل إيران عن النظام المالي الدولي.

 

وكما تحدثنا في «رأي الشرق» أمس نضيف اليوم أنه في عز الأزمة بين واشنطن وطهران، وفي وقت يقول المرشد الأعلى خامنئي إنّه، منذ الأساس، لا يثق بأميركا، ها هم يتجهون الى تبديل موقفهم… وهذا ما يذكرنا بقول الخميني عن «كأس السم» التي تجرعها عندما وافق على وقف إطلاق النار مع العراق بعد حرب مدمرة استمرت ثماني سنوات.

 

وفي ما ادّعت إيران أنه رد على العقوبات، استخدمت الحرس الثوري بهدف منع دول الخليج من تصدير نفطها، فكانت الهجمات على ناقلات نفط راسية على شواطئ بلدان الخليج العربية وبالذات في دولة الإمارات (أبوظبي والشارقة)، وأيضاً استهداف شركة أرامكو العملاقة في المملكة العربية السعودية.

 

ومع تصاعد الأزمة، برزت اتصالات فرنسية – إيرانية، وتوجه وزير خارجية إيران (محمد جواد ظريف) الى قمة السبعة في باريس، وكان وصوله مفاجئاً… والسؤال الذي طرح ذاته: لماذا الفرنسيون؟

 

المعلومات تفيد عن قيام علاقات مهمة جداً بين فرنسا وإيران، خصوصاً أنه توجد في إيران مرائب لتجميع السيارات للشركتين الفرنسيتين الأبرز رينو وبيجو.

 

إضافة الى مصالح نفطية كبيرة بين البلدين كانت تتمثل خصوصاً بشركة توتال الكبيرة التي لم تلبث أن انصاعت للإنذار الاميركي وانسحبت من إيران قاطعة التعامل معها.

 

إنّ الدور الذي تلعبه فرنسا لافت جداً، فهل هو باتفاق مع أميركا؟ أو بتوجيه أميركي وتفاهم على الإخراج: أن تبدو فرنسا وكأنها هي صاحبة المبادرة في وقت يكون التوافق بين واشنطن وباريس على الدور الفرنسي يتم تحت الطاولة.

 

ولا شك في أنّ كل ما تقوم به إيران يخدم إسرائيل، حتى ان «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني لم يحرك ساكناً لنصرة القدس، وهم متواجدون في العراق وسوريا، ولبنان، فماذا فعلوا لإنقاذ القدس؟ وماذا فعلوا لوقف ضم الجولان الى إسرائيل؟

 

والفضيحة الأكبر أنّ النظام السوري المجرم هو أيضاً لم يحرك ساكناً… والجولان أرض سورية وإن كانت محتلة… والميليشيات الشيعية تنتشر في العراق وسوريا ولبنان فهل هذه الميليشيات هي لتحرير فلسطين والدفاع عن عروبة القدس، أم هي للفتنة السنية – الشيعية؟!.

 

وبالتأكيد فإنّ الوساطة الفرنسية لا تتناول القدس ولا فلسطين أساساً، فهذا شأن ليس وارداً عند الاميركي بالطبع… وليس وارداً عند الايران إلاّ في البروباغندا الكاذبة.