Site icon IMLebanon

محور.. أو حوار وطني؟

 

تبقى الأنظار متّجهة نحو طاولة الحوار التي تُشكّل اليوم المَخرَج الوحيد للأزمة السياسية المستفحلة على الساحة اللبنانية، وقناة التواصل الأخيرة المتبقية بين الأفرقاء للتوافق على ما يُسمّى بالسلة المتكاملة والتي تشمل انتخاب رئيس للجمهورية، التوافق على رئاسة الوزراء وبيانها، رسم خارطة طريق للخروج من الأزمة الاقتصادية، إقرار قانون انتخاب يُعيد الحياة إلى قبّة البرلمان ويُعيد شرعية التمثيل لنواب استسهلوا التمديد لأنفسهم هروباً من الاستحقاقات التي تحتّم الحوار والتواصل وصولاً إلى التفاهمات الاستراتيجية التي تخدم الدولة واستمرارية مؤسساتها، وأخيراً إخراج مراسيم الغاز والنفط من ملفات التأجيل ووضعها حيّز التنفيذ قبل فوات الأوان وضياع فرصة ذهبية على لبنان ممكن أن تفتح صفحة اقتصادية مشرقة جديدة تمحو معاناة السنوات الطويلة الماضية.

إلا أن طرح السلّة المتكاملة لا بدّ من أن يُستكمل بإرادة حقيقية لدى سائر الأطراف لوضع الأسس الثابتة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وإحياء الإنتاجية المعطّلة بسبب الشلل العام المسيطر اليوم وليس أن يكون الشمّاعة التي تُخبئ النوايا المبيّتة لإطالة أمد التعطيل وإبقاء لبنان عالقاً ضمن دوّامة الفراغ القاتل.

إن بقاء الحكومة كهيكل من دون روح أو قدرة على الإنتاجية يعني الموت السريري لدولة المؤسسات، حيث يتم إفراغها مما تبقى من مضمونها، خدمة للدويلات داخل الدولة وإمعاناً في نهب مرافقها ضمن منظومة الفساد غير المسبوقة التي يقف اللبنانيون أمامها مصدومين وعاجزين في نفس الوقت عن المحاسبة، بما أن مَن وضع الأنظمة تأكّد من إحكام الإطباق على السلطة بشكل لا يطاله أحد.

إن الصرخة التحذيرية والمواجهة الجريئة التي أطلقها الرئيس تمام سلام إنما تُظهر خطورة الوضع الذي وصل لبنان إليه بسبب فشل الطبقة الحاكمة في تحييده عن الصراعات الإقليمية المحيطة به، فبدلاً من أن يستفيد اقتصادياً من الأمن ويعززه باستقرار سياسي يجذب خلاله الاستثمارات العربية والأجنبية ويخلق فُرص العمل الصحية للبنانيين والنازحين في آن، إلا أن المصالح الضيّقة أغرقت الوطن ومَن فيه في رمال المنطقة المتحركة وعطّلت الكيديات إنتاجية الدولة وتغلّبت الصفقات على العمل المؤسساتي المنتظم.

إن لم يتمكن السياسيون من كسر الحلقة المغلقة وإخراج لبنان من سياسة المحاور، سنبقى أسرى التسوية الإقليمية، والتي لا تبدو قريبة، وبالتالي سوف نهدر آخر فرصة ذهبية لتعويم الاقتصاد عبر تهدئة الخطاب الداخلي الموجّه نحو الإخوة العرب، وتحييد المصارف عن شدّ الحبال السياسي وتفعيل المؤسسات لإدارة ملف النفط والغاز بشكل يعود إلى خزينة الدولة وليس الخزائن الخاصة.