Site icon IMLebanon

لاءات خامنئي وأسلحة ترامب

 

المرشد الأعلى علي خامنئي يبدو واثقاً من صمود ايران في مواجهة العقوبات وكل أنواع الضغوط الأميركية. لا بل يوحي أن المعركة تتجاوز الصمود الى هزيمة المشروع الأميركي في الشرق الأوسط وانتصار محور الممانعة فهو يطمئن الايرانيين بالقول: لا تقلقوا، فلا أحد يستطيع ان يفعل شيئاً. ويردّ على الأميركيين الذين يهددون طهران ويدعونها الى التفاوض بالقول: لا مفاوضات، ولا حرب.

لكن منع التفاوض ليس مطلقاً بل في الظروف الحالية ومع الإدارة الحالية. وهو، حسب خامنئي، رهن حصول ايران على قوة اجتماعية واقتصادية وسياسية تزيد حصانتها مقابل الضغوط الأميركية. وإذا كانت الحرب الشاملة المباشرة غير واردة ولا ضمن التخطيط في الإستراتيجية الايرانية، كما في استراتيجية كبح النفوذ الايراني التي اعلنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، فإن الحرب بالوكالة مستمرة. والسؤال هو: الى أي حدّ يمكن التحكم بأحداث متسارعة ومواقف مرشحة للتصعيد؟ ومن يضمن ألا يقود خطأ في الحسابات الى صدام في مضيق هرمز أو باب المندب؟

الواقع ان اميركا، من أيام بوش الإبن ثم أوباما الى أيام ترامب، كانت ولا تزال تعلن ان هدفها تغيير السلوك لا تغيير النظام في ايران. وهي فشلت في تحقيق هذا الهدف، على افتراض انها تعنيه، فشلت عبر وضع ايران في محور الشر ايام بوش. فشلت عبر إعطاء الأولوية للإتفاق النووي ورفع العقوبات أيام اوباما. ولا أحد يعرف إن كانت ستنجح عبر الخروج من الإتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات أيام ترامب.

والواقع ايضاً ان طهران تقرأ خطاب تغيير السلوك، فتفهم انه تغيير النظام.

 

فالسلوك المطلوب تغييره جزء من طبيعة النظام القائم على ولاية الفقيه. وما قاله الإمام الخميني وكرّره خامنئي هو إن العداء لأميركا من أسس الثورة. وما جاء في مقدمة دستور الجمهورية الإسلامية هو إعداد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، حيث السعي الى بناء الأمة الواحدة في العالم. ومن مهام القوات المسلحة، حسب الدستور، الى جانب حراسة الحدود، حمل أعباء رسالتها الإلهية، وهي الجهاد من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم.

والترجمة العملية لذلك هي أنه لا مصلحة للجمهورية الإسلامية في إنهاء العداء لأميركا، ولا مجال للتوقف عن مدّ النفوذ الايراني في المنطقة لأنه جزء من شرعية النظام ورسالته وأهدافه. لكن التحدّي كبير هذه المرة عبر الذهاب الى النهاية في استخدام السلاح المالي والإقتصادي الثقيل. أولاً بالنسبة الى قدرة الشعب على التحمّل في الداخل. وثانياً حيال العامل الروسي الجديد في المنطقة وتبدّل اللعبة بين القوى الدولية الكبرى.