لم تبتسم التسوية الرئاسية التي اتت بالجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية واعادت سعد الحريري الى السراي لعدد من الشخصيات السياسية التي كان لها حضورها في المرحلة السياسية الماضية ، وزير العمل السابق سجعان قزي احد هؤلاء الوزراء الذين لم تشملهم الحظوظ مجدداً فلم يصعد قزي الى «بوسطة» حكومة سعد الحريري التي لم يوزر فيها ايضا احداً من رفاقه السابقين في حزب الكتائب الذي بقي مشاكساً خارج التوافق السياسي الناشىء حديثاً ، ربما لأن قزي لم يعد محسوباً على فريق سياسي بعدما جرى توزيع الغنائم الوزارية وفق اتفاق الضرورة بين العهد والسراي وعين التينة والضاحية وحيث ان وزير العمل يعد «متمرداً « في حزبه السابق بعد فصله على خلفية رفضه الانصياع لأوامر رئيس الحزب بالاستقالة من حكومة تمام سلام مفضلاً الاحتفاظ بمقعده الوزاري بعدما اشتم ان ثمة مناورات ومحاولات التفاف ينفذها رئيس الحزب لضبط الإيقاع التغييري الذي يريده في الكتائب واقفال مدرسة أمين الجميل نهائياً .
«قدر»او مصير سجعان قزي في الحكومة التي شكلت كان متوقعاً ، وحتى الفوز في مقعد نيابي او وزاري مستقبلاً عملية معقدة ، فلا مكان لمن هم خارج تفاهم معراب في معادلة الأقوياء المسيحيين الجدد إلا إذا فرضهم الحلفاء في الخط السياسي نفسه كما حصل مع المردة مثلاً ، لكن وزير العمل السابق لم يتكل على ما يمكن ان يحصل عليه في اي تسوية وكان مدركاً سلفاً مسار الامور ، يقول « انا على علاقة وثيقة بكل القوى السياسية بدون استثناء ، تغير موقعي لكن لم يتغير موقفي، والعمل السياسي لا يتعلق او يتوقف عند النواب او الوزراء فقط، المهم ان يكون الموقف مسموعاً». الطريق الى الكتائب لم تعد سالكة بالطبع على اعتبار الصفحة طويت مع الحزب. ومع ذلك يعتبر ان حزب الكتائب اخذ رهانات لا تخلو من الخطورة لخلق تحالف مع المجتمع المدني على حساب تحالفاته التقليدية مع القوى السيادية، وهذا الامر اذا نجح يكون منعطفاً اساسياً في مسيرة الكتائب ولكن حزب الكتائب ليس بحزب جديد بل حزب عمره 80 سنة ومنخرط بالحياة السياسية والحكم على صعيد الحكومات ويالتالي الى اي مدى يمكن ان يشكل المجتمع المدني قوة رافعة للكتائب، فهذا الخط يراهن عليه اليوم رئيس الكتائب الشيخ سامي الجميل واتمنى ان ينجح ، فاذا نجح يكون مدخلاُ لتغيير الطبقة السياسية واذا فشل يكون ألأمر مزرياً لحزب عريق ولتمثيل الكتائب في المؤسسات الدستورية علماً ان الرهانات على المجتمع المدني لم تصح غالباً بعدما انقسم على بعضه والمؤسف ان جماعة المجتمع المدني في بعض الدول ينتمون الى خط سياسي بائد والى زوال هو الخط الشيوعي، اما في لبنان فان المجتمع المدني اللبناني الحضاري غائب، والنخبويون يقودون معركة التغيير يستجودن اليوم مواقع القيادات التقليدية عوض تغييرها واليسار الدولي والسفارات يسيطرون على تحركات الشارع في لبنان.
السياسة اليوم تدور حول قضايا تافهة بحسب قزي، وغير بناءة ويتم اغفال القضايا التي تهم المجتمع اللبناني والوجودية السياسية في حين ان السياسة تنقل اللبنانيين من أزمة الى أزمة ويتم تقاسم الجبنة البلدية وغير البلدية،
كما اعتبر ان رئيس الجمهورية يقوم بما يتيسر له ويعوض عن صلاحياته بقوة شخصيته وعناده ولكن للاسف ينقصه حكومة فاعلة ومحيط محنك بالعمل السياسي، ولو كان وزراء العهد ناجين لما طرحت في اوساطهم فكرة التعديل او تبديل الأسماء في التيار الوطني الحر، فتركيبة الحكومة تجعلها غير قادرة على ان تكون منتجة، وهناك لهفة غريبة على المشاريع والناس تتحدث عن صفقات وامور مشبوهة. والمؤكد ان الفساد لا يزال معششاً في الادارة حالياً واذا كانت الحكومة جدية في محاربته عليها بالمربعات النفطية ومراقبة مشاريع البواخر والتلزيمات، اذ لا يجوز تحميل ملف الفساد للوزير نقولا التويني وحده الذي لا يمكن ان يتحول الى سوبرمان قادر على حمل وزر هذا الملف وحده، حيث يجب تشكيل لجنة لمكافحة الفساد الى جانب الوزير تويني تمتلك صلاحية الدخول الى الوزارات ورئيس الجمهورية اكثر من غيره يدرك ماذا يحصل في كل وزارة.
هل سيعود سجعان قزي الى الكتائب يجيب طويت الصفحة وأكن لحزبي كل احترام ولرفاقي كل المحبة، فعلاقة عمرها خمسة واربعون عاماً لا تمحوها «ورقة».