«جائزة لمن يعيد نازحاً من دون التنسيق مع النظام السوري»
القزي عندما يرفض «إغراءات» الصيفي..
فور انتهاء جلسة الحكومة، أمس الأول، انتقل الوزير «غير المستقيل» سجعان القزي الى «البيال» لتمثيل رئيس الحكومة تمام سلام في حفل تخريج طلاب إحدى الجامعات الخاصة.
هي ليست المرة الأولى التي يمثّل فيها «دولته» لكن «الطلّة الطالبية»، ترتدي نظره أهمية خاصة. الكتائبي المغضوب عليه وضعه «تمام»، فهو لا يشعر أن المظلة الحزبية والسياسية باتت مرفوعة.
«بتواضع»، يقول القزي، «كوّنت لنفسي حيثية سياسية وأخلاقية، وإذا لم أوظّف هذه الحيثية إفرادياً وفضّلت أن تكون في خدمة الحزب، ولست نادماً، هذا لا يعني أني نكرة خارج «بيت الكتائب». أنا لست بحاجة الى كفيل او عرّاب او غطاء، وأنا أغطّي مواقفي من خلال تمثيلي للمسيحيين الذين كنت أمثّلهم سابقاً عبر «الكتائب».
هكذا أخذ وزير العمل، خصوصاً بعد أحداث القاع، يبلور موقفه الصريح من أزمة النزوح السوري خلافاً لرأي القيادة الحزبية. فمعارضته للنظام السوري لا تخطف منه واقعية الإقرار «بأن هناك أزمة تفوق أزمة الوجود العسكري السابق، وهي وجود مليون ونصف مليون نازح سوري عندنا. وهناك مخططات دولية تحاكي تثبيتهم حيث هُم بسبب العجز عن حلّ الازمة السورية. ومشروع إقامة منطقة عازلة وآمنة بحماية دولية أمر يتطلّب ان تتجاوب معه الدولة السورية، وإذا اقتضى الأمر إجراء اتصالات أمنية مع النظام (عبر اللواء عباس ابراهيم مثلاً) لإنجاح هذه الخطة، فلمَ لا؟»، يضيف «سأخصص جائزة قيّمة لمن يعيد نازحاً سورياً واحداً من دون التحدّث مع النظام السوري»!
بعد أحداث القاع، طلب سلام من القزي تمثيله هناك، لكنه اعتذر «لأن ردّات الفعل على زوار القاع من خارج المنطقة كانت سلبية»، كما يقول.
كل شيء في وزارة العمل يوحي كأن العاصفة الكتائبية لم تكن، لكن الندوب حاضرة. فوزير الاقتصاد ألان حكيم الذي غالباً ما كان يصف القزي بـ «المدفعجي» الى درجة استخدامه ككيس رمل في مجلسَيْ الوزراء والصيفي، قطع الاتصال نهائياً مع وزير العمل.
ولا يستوعب القزي «كيف انقلبت الأكثرية التي كانت ضد الاستقالة في المكتب السياسي إلى أكثرية صوّتت مع إقالتي؟ كنت سأقبل أن أتساوى في المعاملة مع عيسى نحاس الذي شتم القيادة لسنوات ثم صدر لاحقاً قرار فصله بعد إنذارات وتنبيهات عدّة».
45 عاماً في الشأن العام والحزبي ورئيساً لإقليم كسروان ومديراً لإذاعة «لبنان الحر» ومرشحاً «كتائبياً» دائماً في كسروان ونائباً لرئيس الحزب ومستشاراً للرئيس أمين الجميل ولا يجد جواباً حتى الآن على قرار فصله «في أربع دقائق».
وفيما يراهن القزي على «الأيام» التي قد تعيد المياه الى مجاريها مع «الشيخ سامي»، نظراً للرابط العاطفي تجاهه، يستذكر دوماً أنه «كان رأس الحربة في التعبير عن توجهات القيادة الكتائبية حتى لو كانت أحياناً مخالفة لقناعاتي، وأكثر مَن كان يضرب يده على الطاولة ويرفع الصوت».
منذ اليوم الأول لدخوله الوزارة، يجزم القزي بأنه قوبل بالاحترام والمحبة «لكن التعاطف معي بعد إشكالية الاستقالة والإقالة ظهر بوضوح إضافة الى التقدير من جانب زملائي بسبب إعطائي الأولوية للمصلحة الوطنية وليس الخاصة».
وفيما ترى القيادة الحزبية العكس تماماً، يكشف القزي «أن سامي الجميل عرض عليّ قبل اتخاذ القرار بإقالتي أن أتسلم أي مركز أريده في الحزب «ويللي بدك ياه بصير»، لذلك فمصحلتي الشخصية كانت في أن أترك الحكومة لأنها مؤقتة وأبقى في الحزب، لأنه استمرارية لكنني اخترت المصلحة الوطنية».
أكثر من أي وقت مضى يشعر القزي أنه أتّخذ الخيار الصائب. من انفجار «بلوم بنك» الى انتحاريي القاع وأزمة النازحين، ببعديها الإنساني والأمني، والتحديات الآتية يجزم وزير العمل ان القضايا البيئية التي استقال الجميل من أجلها على أهميتها لا تطغى على الأولويات الوطنية، خصوصاً أن الاستقالة ليست من ثقافة «الكتائب» الذي قام أساساً للدفاع عن القضايا الوطنية وليس لنكون «حزب الخضر»، فالحكم ليس شهر عسل بل أشواك أيضاً!
وفيما يمارس القزي أعماله كأي وزير أصيل، يقول الوزير حكيم، الذي سحب كافة أغراضه الشخصية من مكتبه في وزارة الاقتصاد، أنه يتّكل على المدراء لتصريف أعمال الوزارة، لكن المعلومات تفيد بأن جزءاً من بريد الوزارة يصل الى مكتب حكيم في «الاعتماد اللبناني» (كورنيش النهر) ويطّلع عليه ويوقّع بعضه، مع العلم أن الوزير بالوكالة حسين الحاج حسن لم يتسلّم مهام الوزارة بعد.