Site icon IMLebanon

بعبدا للحريري: الحكومة لا تُشكَّل في العواصم الأجنبية

 

لم يكن ينقص الرئيس المكلف سعد الحريري سوى ان يفتح النار على “حزب الله”. حتى الأمس القريب كانت علاقته مع “حزب الله” قائمة على التنسيق والتشاور وتمرير الرسائل، قبل ان يصدر بيانه الاخير غير المعروفة اسبابه بعد ولا ابعاده وهو أتى مفاجئاً لكثيرين ومن بينهم مقربون للحريري نفسه. ولا يفسر امتناع “حزب الله” عن الرد سوى عدم رغبته في مساجلة الرئيس المكلف وتقدير ظروفه ومراعاتها مع علمه بتبعات ذلك.

 

وقد اطلق البيان العنان للتحليل والبناء عليه في وقت يعتبر محور 8 آذار أنّ الحريري لا يزال رهين انتظار الاشارات الايجابية التي تدفعه باتجاه تشكيل الحكومة. وليست علاقته مع رئيس “الحزب الاشتراكي” وليد جنبلاط احسن حالاً وموعدهما على لقاء مشترك ذهب ضحية زياراته الخارجية.

 

حتى الساعة لم تخرج زيارات الحريري الثلاث الى الامارات بنتائج سياسية يمكن الركون اليها. لا تزال الامارات في موقع الحريص على عدم استفزاز السعودية رغم محاولتها ترطيب الاجواء بينها والحريري. أما المملكة فلن يكون الحريري حكماً في صدارة اهتماماتها هذه الفترة. بينما يردد خصوم الحريري أنه يراهن على تغييرات قد تلعب لصالحه في المملكة، فيما ذكر في بيانه انه لا ينتظر أي احد لا السعودية ولا غيرها، مذكراً بأنّ التشكيلة الوزارية تنتظر في بعبدا. بالوقائع لا بالتحليل ان الحريري نفذ ما كان يصبو اليه، حمل ورقة التكليف في جعبته وغادر وفي تقديره ان العهد هو الخاسر الاكبر. وفي دليل على ان الحكومة صارت في حكم المنسية، أن الزيارة المرتقبة للرئيس المكلف الى موسكو تشير الى ان الحريري وطوال فترة تمتد لأسبوعين لن يخطي اي خطوة باتجاه الحكومة ولا في نيته التوجه نحو بعبدا للقاء رئيس الجمهورية. سلوك في التعاطي جعل بعبدا تجزم بما لا يحمل الشك بأن “الحريري لا يريد او لا يستطيع تشكيل حكومة”، بل هو ذهب بعيداً بأن يشترط حصوله على ثقة نواب تكتل “لبنان القوي” ليعطي رئيس الجمهورية ميشال عون خمسة وزراء مسيحيين والا يعطيه ثلاثة وزراء.

 

موقف مستغرب تلتقي مصادر بعبدا مع مصادر “التيار الوطني الحر” على اعتباره انه يأتي في اطار كونه “يضرب الميثاقية ويعود الى ما قبل 2005 لجهة السطو على حقوق المسيحيين، ومن شأنه ان يحول المناصفة الى مناصفة وهمية ويضرب الشراكة”، منبهةً الى أن “هذا الامر لن يمر لا من جانب رئيس الجمهورية ولا من جانب التيار الوطني الحر حتى ولو ذهب الى التصعيد”. وتقول المصادر: “اذا كان هدف الحريري مد اليد على موقع المسيحيين في الميثاق والدستور فإنه سيفاجأ هو وغيره بما لا يتوقعه”.

 

من خلال البيان الذي تلاه مؤخراً مستشاره الرئاسي، أكد رئيس الجمهورية ميشال عون ان موقع رئاسة الجمهورية لا يملك تجاه الرئيس المكلف ابعد من الخروج الى الناس ومصارحتهم بشفافية. ليس بوسعه سحب التكليف من الرئيس المكلف ولا الزامه بفترة زمنية محددة مهما بلغت دقة الظروف. من الواضح ان اصل المشكلة العونية مع الحريري لا يقتصر على تمثيل وحصص بقدر ما تدخل فيه مسألة التدقيق الجنائي، الى درجة ان العونيين يعتبرون انه اذا اعطى رئيس الجمهورية ضمانات بالتخلي عن التدقيق الجنائي فالحكومة ستشكل سريعاً.

 

تلتقي المصادر على انطباع ان “الحريري منذ تاريخ تكليفه ولغاية اليوم لا يملك شيئاً ليعطيه. فقد وكالته السعودية، قامت التظاهرات في وجه حكومته وليس لديه اي مشروع انقاذي للبلد، على ان اساس خوف بعبدا كما التيار من مسألة خطرة وهي رغبة الحريري انتاج النظام ذاته بالاشخاص أنفسهم مالياً ونقدياً. ولذا هناك قناعة بأنه يريد ضرب فكرة التدقيق الجنائي من اساسها وهو يتكل على شركاء له في منظومة عاشت على الفساد والتفلت من المحاسبة”.

 

وتحمل المصادر الحريري مسؤولية تفاقم الازمة وتقول: “اذا لم يدرك الحريري خطورة المماطلة في عدم تشكيل حكومة فانه يتحمل عمداً مسؤولية الانهيار والذهاب الى الفوضى، وعليه ان يفهم ان الحكومة لا تشكل في عواصم الدول الاجنبية”، لتسأل: “ما معنى ان يحدد بعد اسبوعين زيارة لموسكو سوى انه يقول بوضوح لا حكومة قبل اسبوعين وهو في هروبه الى الامام سيجد كل يوم عذراً جديداً”.