لا تزال الأحداث تتسارع في بلد الأرز، فمن ظنّ الشارع سيهدأ بعد فتح الطرق، تفاجأ بتحركات أمام المؤسسات العامة إضافةً إلى اندلاع ثورة الطلاّب.
يمرّ لبنان بوقت عصيب جداً، فالمعالجات لم ترتقِ بعد إلى المستوى المطلوب، في حين أن شعلة الثورة لا تزال مضيئة وتنتشر أكثر وأكثر في أرجاء الوطن، بينما ينتظر الجميع ما ستؤول إليه الإتصالات السياسيّة.
وعلى الرغم من كل التطوّرات، تبقى العين شاخصة إلى بعبدا التي وُجّهت إليها انتقادات عدّة في ما خصّ تأخير الإستشارات النيابية الملزمة، وقد ذهب البعض إلى حدّ القول إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يخالف الدستور بإصراره على إتمام التأليف قبل التكليف.
وأمام ارتفاع منسوب الضغط على رئيس الجمهوريّة للدعوة سريعاً إلى استشارات نيابيّة ملزمة، تؤكّد مصادر قريبة من بعبدا لـ”نداء الوطن” أن المرحلة التي تمرّ بها البلاد دقيقة جداً، فلا يمكننا أن نكلّف رئيس حكومة وننتظر 9 أشهر أو سنة من أجل التأليف، فرئيس الجمهوريّة يمارس دوره ويستعمل صلاحياته، وهو يريد التجاوب مع مطالب الناس بتأليف حكومة سريعاً، لا أن ندخل في مرحلة تصريف أعمال لا يعلم أحد متى ستنتهي.
وتشدّد المصادر على أن رئيس الجمهورية ليس وحده من يتحمّل مسؤولية التأخير، فالكتل النيابية لم تجتمع بعد لكي تقول من هم مرشّحوها لرئاسة الحكومة، كما أنّ الطرق كانت مقفلة ولم يكن باستطاعة عدد من النواب الوصول إلى بعبدا، فالأولوية الآن هي لوصول المشاورات إلى نتيجة تُرضي الناس.
وتوضح المصادر القريبة من بعبدا أن الإختلافات بين القوى السياسيّة لا تزال على شكل الحكومة، فبعضها يريدها “تكنوقراط” والبعض الآخر يسعى إلى حكومة سياسيّة مطعّمة باختصاصيين، وهذا الأمر تحسمه المشاورات الجارية بين معظم الأفرقاء.
وتشير المصادر إلى أن التواصل مستمرّ بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، والأمور إيجابية، والجميع يعرف موقف الحريري المتمسّك بحكومة تكنوقراط، لذلك فإن الإتصالات يجب أن تصل إلى نتيجة قريباً. وتلفت إلى أنّ موعد الإستشارات النيابية سيحدّد قريباً، ولم تستبعد أن تكون هذا الأسبوع إذا اتجهت الأمور نحو الإيجابيّة، وهذا ما يتمنّاه الجميع.
وفي حين يطرح البعض أسماء جديدة لتولّي رئاسة الحكومة مثل الوزيرة ريا الحسن او الوزير السابق خالد قباني، وسط الحديث عن أن عون غير متحمّس لعودة الحريري لأنه استقال من دون أن يشاوره، تُشدّد المصادر القريبة من بعبدا على أن البعض يستطيع إطلاق عنانه لتخيلات كثيرة، فنحن نعرف خطورة الوضع، ومرشّح الرئيس لرئاسة الحكومة هو ما تقرّره الكتل التي تصعد إلى قصر بعبدا يوم الإستشارات النيابية المُلزمة، وبالتالي كل الحديث عن تفضيل مرشح على آخر لا أساس له من الصحّة لأن همّ رئيس الجمهورية إنقاذ الوضع فقط لا غير.
وفي سياق التواصل لتأليف حكومة جديدة، يُحكى عن أن رئيس الجمهوريّة يفكّر بعدة أسماء للتوزير تُرضي الناس وتُشكّل نواة الحكومة الجديدة، لذلك تؤكّد المصادر أن الحكومة ستكون على قدر تحدّيات المرحلة، لكن الدخول في الأسماء لم يحصل بعد مع أن الجميع يعلم أنه توجد أسماء كفوءة بإمكانها تحمّل مسؤولياتها في هذه المرحلة الخطيرة.
وتُظهر بعبدا عدم ارتياحها من التصنيفات الإقتصادية السلبية وكان آخرها تصنيف وكالة موديز التي خفّضت تصنيف لبنان من Caa1 إلى Caa2 ووضعت البلاد قيد المراقبة من أجل مزيد من الخفض خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لكنها في المقابل ترى أننا قادرون على تجاوز الأزمة إذا شكّلنا حكومة سريعاً وباشرنا بالخطوات الضرورية اللازمة من أجل إنقاذ الوضع.
ولا يزال الرئيس عون ينتظر ممثّلي الثورة للحوار معهم! وهو يعتبر أن مطالب الناس يجب ان تتحقّق وبأن مكافحة الفساد انطلقت ويجب ألا تتوقّف، في وقت فقد الناس ثقتهم بالطبقة الحاكمة ونزلوا إلى الشارع وهم يطالبون بحقوقهم المغتصبة على أيدي “الفاسدين الرسميين” ومن لفّ لفّهم في الدولة وخارجها، وبحكومة جديدة تكون على قدر تطلّعاتهم، ومن الصعب جداً أن يخرجوا من الشارع قبل تحقيق مطالبهم.