إعتذار الحريري مُؤجّل بانتظار إشارة بري وموافقة المرجعيات السنية
أعاد بيان الرئاسة الأولى مصحوبا بمواقف متشنجة لنواب «التنمية والتحرير» خلط الأوراق الحكومية، فالبيان الذي استهدف عين التينة من دون ان يسميها، متحدثا عن زخم مصطنع، أضاف تعقيدات على المشهد السياسي المتأزم، مع الاشارة الى أجواء عدم الارتياح التي تسود ايضا بين التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله بشأن التفاوض الحكومي، وشكوى العونيين من انحياز الحليف الشيعي الى جانب الرئيس المكلف سعد الحريري، عدا الانتقادات التي صارت توجه في اتجاه حلف رباعي يتشكل ضد العهد.
التطورات واحتجاجات الشارع بتظاهرات أحزاب السلطة ضد نفسها، سرقت الضوء عن اعتذار الحريري الذي كان وشيكا جدا، كما لمحت مصادر «المستقبل»، قبل ان يتم تفعيل مبادرة الرئيس نبيه بري، وقبل أن تطاح ويقع الاشتباك بين بعبدا وعين التينة.
وفق مصادر سياسية مطلعة، فان صفحة الاعتذار لم تطو كليا، ولا تزال قائمة، حيث يعطي الرئيس المكلف مساحة او فرصة أخيرة للاتصالات قبل اي خطوة، فتجميد الاعتذار حصل بناء على حركة سياسية دفعت في اتجاه اعطاء فرصة أخيرة وبناء على تمنيات داخلية وخارجية وصلت الى القوى السياسية وحذرت من الفوضى وتداعي الهيكل فوق رؤوس الجميع، فانسحاب الحريري لا يؤذي فريقه السياسي فقط، بل سيكون له تداعيات على الرئاسة الأولى والثنائي الشيعي أيضا، الذي يصر على بقاء الحريري دون سواه من الأسماء السنية الأخرى في هذه المرحلة الحساسة.
وتعتبر المصادر ان انسحاب الحريري هذه المرة سيؤدي الى تبدل التوازنات، ولن يكون شبيها باستقالته على اثر «الثورة الشعبية»، فهذه المرة يسعى الحريري الى تأمين خروج مشرّف من التأليف اذا اقتضى الأمر، بدأ الاعداد له بشد العصب الجماهيري وحشد المرجعيات الدينية والسنية له ليصعب او يقطع الطريق على أي مرشح غيره.
التأخير في التأليف، كما تقول المصادر، لا يصب في مصلحة العهد وفريقه السياسي الذي يتم تحميله تبعات الانهيار في البلاد، لكنه أعطى الحريري فائض قوة، فهو استطاع ان يجمع حوله «المردة» وحزب الله و»حركة أمل» والحزب التقدمي الاشتراكي وسنة ٨ آذار، فيما صار العهد محاصرا بتهم العرقلة والتعطيل، واشارت المصادر الى ان خطة الخروج من التكليف، اذا ضاقت الفرصة، لن تكون الا بالتنسيق مع الحلفاء ومدروسة بعناية بالقاء تبعات الاطاحة بالحريري على العهد والتيار الوطني الحر وشد العصب السني قبل ذهاب الحريري الى صفوف المعارضة.
يتوقف المراقبون عند الخطوات التي حصلت اخيرا، وأتت لمصلحة تقوية الحريري، فاعلان بري اصطفافه الى جانبه، وصولا الى خطابه السياسي الذي أكسبه عطفا سنيا كبيرا، ألغى الآخرين على الساحة السنية، فهو ثبّت نظرية المرشح الأقوى والأوحد واضعا «هزيمته في اطار هزيمة أهل السنة في لبنان»، ومتكلا على دعم لا متناهٍ من دار الفتوى.
أعطى الحريري نفسه مؤخرا منشطات وجرعات دعم تمحو صورة الخروج «المذل» من السلطة ، وفق مصادر سياسية، فالاعتذار مؤجل لوقت طويل بناء على رفض من أجنحة «المستقبل» وتيارات أساسية في الطائفة تعتبر خروج الحريري انكسارا للطائفة وتراجع دورها، وبالتالي، فان الحريري كما يقول العارفون، مستمر في المماطلة ومقارعة الفريق الرئاسي حتى يملّ منه الآخرون، وبالتالي فان الاعتذار لن يأتي على طبق من فضة للتيار الوطني الحر، وان حصل فالخروج من التأليف سيواكبه خطوات لا تخرج الحريري منكسرا، بل أقوى من قبل الى صفوف المعارضة للتحضير لمعركة الربح في الانتخابات النيابية المقبلة.