عين التينة: لا تساهل بنقل المقاعد والصوت التفضيلي على أساس طائفي
أوساط السراي تؤكد أن الإشتباك السياسي بين بعبدا وعين التينة حول صلاحيات رئيس المجلس تحولت إلى غيمة صيف عابرة
هل يشهد الافطار الرمضاني الذي يقيمه غروب اليوم رئيس الجمهورية في القصر الرئاسي في بعبدا ولادة قانون الانتخاب المعلق بين المصالح المتضاربة للطبقة السياسية منذ اكثر من تسع سنوات، ام ان الخلافات حول التفاصيل تنقض هذا الجو التفاؤلي الذي اشيع بين الاوساط السياسية قبل أقل من ثمانٍ واربعين ساعة من موعد الافطار الرئاسي.
من السراي الحكومي انطلقت موجة قوية من التفاؤل بإمكانية الوصول الى اتفاق بين القوى السياسية قبل التاسع عشر من الجاري موعد انتهاء ولاية مجلس النواب فاعتبر الرئيس سعد الحريري في كلمة اولى بها في مستهل جلسة مجلس الوزراء ان «البلاد اصبحت على قاب قوسين او ادنى من الاتفاق على قانون انتخابي جديد».
اوساط السراي الحكومي قالت ان تفاؤل رئيس الحكومة في الوصول الى اتفاق على قانون انتخابي جديد لا ينطلق من فراغ ولا يجب ان يفسر على انه محاولة من رئيس الحكومة بث جرعة من التفاؤل للرأي العام اللبناني الرافض بأكثريته الساحقة للعبة التي يمارسها السياسيون من اجل الوصول الى فرض التمديد للمجلس الحالي مرة ثالثة بحجة تعذر وصول السياسيين الى اتفاق على قانون للانتخابات يكون عادلاً ولا يستهدف فئة او طائفة بل يجب ان يؤخذ بجدية، خصوصاً وأن رئيس الحكومة الذي اكد في اكثر من مناسبة على ان تيار المستقبل يقبل بأية صيغة يتفق عليها السياسيون، وهو من موقعه ومسؤوليته يعمل ليل نهار مع كل القوى السياسية من اجل تضييق شقة الخلاف في شأن بعض التفاصيل التي لا زالت عالقة وموضوع خلاف، وصولاً الى الاتفاق قبل حلول التاسع عشر من شهر حزيران الجاري، والذي يشكل نقطة مفصلية بالنسبة الى النظام وأهله ويضع البلاد في مهب الامواج العاتية. وبالتالي فإن تفاؤله الشديد بالوصول الى اتفاق مبني على ما توصلت اليه هذه الاتصالات من تقارب بين كل الاطراف المعنية على الصيغة التي تحفظ حقوق جميع الطوائف وقياداتها السياسية.
ووفق المعلومات التي تجمعت عشية الافطار الرئاسي تؤكد هذه الاوساط ان الاشتباك السياسي الذي نشب بين قصر بعبدا وعين التينة تحت عنوان الصلاحيات الدستورية لرئيس مجلس النواب تحول بعد الاتصالات المكثفة التي تمت في الثماني والاربعين الساعة الماضية الى غمامة صيف عابرة وسيشهد قصر بعبدا مساء اليوم الخميس لقاءً يمكن وصفه بالحميم بين الرئيسين عون وبري على هامش حفل الافطار الرمضاني ولا يستبعد ان يتم في هذا اللقاء الذي من المقرر ان يشارك فيه الرئيس الحريري اطلاق الاتفاق على الصيغة التي طرحها نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان والتي تقوم على النسبية الكاملة مع الصوت التفضيلي وعلى تقسيم لبنان الى 15 دائرة انتخابية.
وتستغرب اوساط السراي الحكومي الموقف الذي اتخذه «التيار الوطني الحر» من هذه الصيغة بعدما كانت القيادات المارونية الاربع اجتمعت في بكركي برئاسة البطريرك بشارة الراعي واعلنت تأييدها لهذه الصيغة كونها تؤمن التمثيل العادل والصحيح، وتعيد للمسيحيين حقوقهم التي اخذت منهم بموجب قانون الستين، لكن هذه الاوساط ما زالت تعول على رئيس الجمهورية في ان يبلغ الرئيس بري موافقته على الصيغة التي اقترحها نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» وحظيت بموافقة كل الاطراف الاخرى من تيار «المستقبل» وحزب الله وحركة «امل» والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وحتى حزب الكتائب الذي يطالب باعتماد الدائرة الفردية، وذلك بعد ان صدرت عدة مؤشرات من بعبدا تفيد بأن الرئيس عون لا يمانع في اعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخابات الجديد بل ينحاز الى هذا القانون لأنه الافضل بين كل الصيغ القانونية الاخرى المطروحة فضلا عن انه يحقق عدالة التمثيل ويعطي الفرص الحقيقية لكل المكونات للانخراط في العملية الانتخابية على قدم المساواة والانتهاء من انتخابات المحادل والبوسطة.
لكن اوساط السراي التي تعكس تفاؤل الرئيس الحريري بالاقتراب من الاتفاق على الصيغة المقترحة من النائب عدوان قبل حلول التاسع عشر من آذار وربما قبل انقضاء الاسبوع المقبل، إذا ما سارت الامور وفق ما هو مرسوم لها، تنظر الى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقله عنه النواب في لقاء الاربعاء الاسبوعي، بحذر شديد، وبالنسبة الى ما يمكن ان يفسر عنه لقاء القصر الجمهوري مساء اليوم الخميس، والذي نقله النواب عن الرئيس بري لا يوحي بأن الطريق للاتفاق على قانون عدوان اصبحت سالكة وآمنة، فعندما يقول الرئيس بري انه لا يزال ينتظر نتائج الاتصالات الجارية على عدم وساق بين كل الفرقاء فيعني بذلك انه لا يزال هناك الكثير من العقد والتعقيدات التي تحول دون الاتفاق على الصيغة المقترحة من قبل نائب رئيس القوات اللبنانية وان هذه العقد مردها الى ما يطالب به رئيس التيار الوطني الحر من تقليص عدد النواب الحاليين الى 108 نواب، ومن الاصرار على اعتماد الارثوذكسي في الصوت التفضيلي وعلى نقل عدد من المقاعد المسيحية من الدوائر ذات الغالبية الاسلامية الى دوائر ذات اغلبية مسيحية الامر الذي يرفضه بري بشكل قاطع ومعه كل المكونات الاخرى بما فيها تيار «المستقبل» كونه يؤدي الى فرز طائفي من جهة والى حرمان فئات اسلامية متواجدة في مناطق كثافة مسيحية من حق التعبير عن نفسها.
وفي هذا الصدد تؤكد اوساط عين التينة ان الرئيس بري ليس على استعداد لأن يساوم على هذا الامر مهما اشتدت عليه الضغوط من الحلفاء او من الخصوم وسوف يؤكد على هذا الامر في اللقاء المرتقب مع رئيس الجمهورية على هامش الافطار الرئاسي غروب اليوم الخميس لكنه يأمل في الوقت نفسه ان يلمس تجاوباً من رئيس الجمهورية بالنسبة الى المشروع المقترح من النائب عدوان.