بعد أن اتفق الثنائي الشيعي على اغلب «القضايا» الانتخابية وبقاء ثلاث نقاط غير منجزة بعد، وتصريح نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن الحزب سيخوض الانتخابات الى جانب حركة أمل وعلى متن لوائح مشتركة في كل لبنان، حان موعد الاتفاق على دائرتي بعبدا وبيروت الثانية نظرا لتعلقهما الشكلي سوية.
اتفق الثنائي الشيعي على تقسيم المقاعد الشيعية الأربعة في الدائرتين بالمناصفة بينهما بحيث يكون لحركة أمل مرشح في بيروت الثانية ومرشح في بعبدا، ومثلهما لحزب الله. نضع في هذا التقرير دائرة بيروت الثانية جانبا، ونغوص للبحث في دائرة بعبدا التي تضم الى جانب الثنائي الشيعي قوى بارزة تضم التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية.
يصل عدد الناخبين في هذه الدائرة الى 164.222 يتوزعون بين الطوائف على الشكل التالي: 59.837 موارنة، 12.385 روم ارثوذوكس، 7.488 روم كاثوليك، 1.420 أرمن أرثوذوكس، 3.482 مختلف مسيحي، 41.033 شيعة، 28.631 دروز، 9.946 سنة.
تقسم المقاعد في هذه الدائرة الى 6، فيكون للموارنة 3 مقاعد، 2 للشيعة، 1 للدروز. سيكون في هذه الدائرة مرشح لحزب الله من المتوقع حتى الساعة أن لا يكون النائب الحالي علي عمّار مع الحديث عن ترشيح معاون امين عام الحزب، حسين الخليل، وأخر لحركة أمل لم تُحسم هويته بعد بحيث يتأرجح المقعد بين مسؤول الاعلام المركزي طلال حاطوم وعضو المكتب السياسي مفيد الخليل، كذلك أصبح محسوما بحسب مصادر مطلعة أن التيار الوطني الحر لن يكون قادرا على الفوز بالمقاعد المارونية الثلاث، ما يعني أن إسما من بين عضو تكتل التغيير والاصلاح الآن عون، وزميليه في التكتل حكمت ديب وناجي غاريوس سيتغير في هذه الدورة الانتخابية، ومن المرجّح أن يكون غاريوس.
تُحاك التحالفات في غرف مغلقة لم يرشح عنها الكثير ولكن من المؤكد أن الثنائي الشيعي سيخوض المعركة ضمن لائحة واحدة، وسيترك للتيار الوطني الحر حرية الاختيار بأن يكون الى جانب حزب الله وحركة امل أو ضدهما. وتقول المصادر: «فيما يتعلق بقرار رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط فيبدو أنه أقرب الى التحالف مع القوات اللبنانية، مع العلم أن تيار المستقبل لا يمكن أن يتحالف مع حزب الله، وتشير المعلومات الى أن المستقبل سيعمد الى ترشيح شخصية شيعية لينافس على أحد المقاعد الشيعية في بعبدا»، مضيفة: «لم يُحسم بعد تحالف القوات اللبنانية مع الكتائب وتيار المستقبل، انما قرار المواجهة اتخذ من قبل «الطامحين» لخرق نواب بعبدا المنتخبين في الانتخابات الأخيرة في العام 2009.
يرسم مصدر مطلع على الملف الانتخابي في بعبدا سيناريو المعركة بصورة أولى وهي أن يحصل التفاهم بين القوى الأساسية أي بين «التيار الوطني الحر»، «حزب الله»، «حركة أمل»، «القوات اللبنانية»، و«التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل»، مشيرا الى ان هذه الصورة تعني فوز اللائحة من دون معركة تذكر، او بالتزكية إن لم «تُخلق» لائحة منافسة. ولكن بعد أن يستبعد المصدر هذا الخيار كون «حزب الله» لا يقبل أن يخوض المعارك على لائحة واحدة مع «القوات اللبنانية»، يرجح أن تكون المعركة بين لائحتين قويتين: «الاولى تضم الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، والثانية تجمع القوات بالتقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل»، مشيرا الى أن هذه المعركة ستنتهي بفوز كل لائحة بثلاث مقاعد انتخابية.
ويلفت المصدر النظر الى أن تقسيم المقاعد الفائزة بين اللوائح سيكون بحسب الأصوات التفضيلية، مستبعدا أن ينال التيار الوطني الحر مقعدين مارونيين مقابل فوز الثنائي الشيعي بمقعد واحد من أصل اثنين، متوقعا أن تكون النتيجة 2 شيعة و1 ماروني، مقابل 2 موارنة و1 درزي لللائحة المقابلة.
اذا ما صحّ هذا السيناريو في دائرة بعبدا، فإنه سيكون التحالف الأول بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، خصوصا بظل المنافسة الشرسة التي يخوضها الطرفان في أكثر من دائرة أبرزها دائرة صيدا-جزين، حيث تدعم حركة أمل المرشح ابراهيم عازار. وفي هذا السياق تؤكد مصادر مقربة من حركة أمل أن لا عداوة مع التيار الوطني الحر تمنع من التحالف حيث يكون هناك مصلحة بالتحالف، مشيرة الى أن الحركة تختلف مع الوطني الحر في السياسة الداخلية وكيفية ادارة الأمور، ولكن هذا لا يجعل من التحالف الانتخابي في بعبدا مستحيلا، كما لا يجعله مستحيلا في دوائر أخرى، رغم أن المنافسة بين الحركة والتيار ستطغى على صورة الانتخابات النيابية المقبلة، سواء في صيدا جزين أو زحلة، أو غيرهما. وتضيف المصادر: «لحركة أمل تحالف ثابت مع حزب الله، ولكنها منفتحة على التحالفات في دوائر مشتركة مع بعض القوى السياسية مع مراعاة بعض الاعتبارات».
من جهتها ترى مصادر في التيار الوطني الحر أن التحالف مع الثنائي الشيعي في دائرة بعبدا أصبح قريب الوقوع، مشيرة الى أن التيار يدرس تحالفاته في كل دائرة ولا فيتو لديه على أحد بل يمد يده لكل القوى التي ترغب في بناء تحالفات «وطنية» واضحة. وتضيف المصادر: «في تحالفنا مع تيار المستقبل، او مع حزب الله قد نجد أنه من الأفضل للطرفين أن ينفصلا في دوائر معينة، وربما تكون بعبدا إحدى الدوائر التي ننفصل فيها عن المستقبل ونتحالف فيها مع حركة أمل وحزب الله، انما ذلك لا يعني أن المنافسة السياسية الانتخابية ستتحول الى عداوة سياسية بعد إقفال صناديق الاقتراع».
اذا من المحتمل أن تشهد دائرة بعبدا تحالفا بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، كذلك ستكون الدائرة مثالا لأهمية الصوت التفضيلي في تحديد الأحجام ولو ضمن اللائحة الواحدة.