تتواصل الاتصالات والمساعي بشكل مكثف وعلى كل المستويات لمعالجة تداعيات الحادث الامني الدقيق والحساس الذي كان حصل في منطقة الشحار الغربي وتداخلت فيه الكثير من التعقيدات واللغط، والتي كان اكبرها ما تعرض له موكب وزير شؤون النازحين صالح الغريب وسقوط مرافقين له، نتيجة اطلاق النار على الموكب بما في ذلك على سيارة الوزير الغريب.
ورغم ان الاتصالات – بحسب مصدر سياسي محسوب على احد اطراف المشكلة – وما يجري طرحه من مخارج لانهاء ذيول هذه الازمة وما يمكن ان من خلال الاقتراحات التي تقدم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري او المساعي التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والتي افضت حتى الآن الى حد بصورة ملموسة من التصعيد، واستعداد جميع الاطراف المعنية للبحث عن مخارج تداعيات الازمة على قاعدة «العدالة» للجميع تفادياً لاخذ البلاد نحو خيارات غير محسوبة، بدءاً من مسألة بقاء الحكومة او الدفع نحو خيارات سيئة، الا ان مسار المعالجة لا زال بحاجة الى جهود غير عادية حتى يمكن الوصول الى توافقات عملية وقضائية وسياسية تنهي تداعيات ما حصل في الشارع وتهدء في نفوس المناصرين لكل الاطراف ولو ان قيادات الجهات المعنية بالازمة وفق معطيات المصدر عليها مسؤوليات كبرى تتمثل بتقديم كل ما يؤدي الى معالجة ذيول الازمة، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، وعن حسابات وضع «الكرة في ملعب» الفريق الآخر، فالواقع الداخلي بكل ازماته ومخاطره لا يتحمل «نصب المتاريس» السياسية وربما ابعد من ذلك، وعدم تمكن مجلس الوزراء من الانعقاد على مدى اسبوعين مؤشر غير مطمئن، في وقت لا تزال الاجواء ضبابية حول مسار معالجة الازمة، وعودة مجلس الوزراء الى القيام بدوره.
وعلى هذا الاساس يلاحظ المصدر ان مسار التهدئة النسبية في المواقف وفي الشارع لم يقترن بتقاطعات اولية تفضي وجود متهمين لم يتم تسليمهم للقضاء، او تخرج الامور من «عنق الزجاجة» بما خص المسار القضائي للتحقيقات، وبالتالي هل سيتم تحويل المشكلة الى المحكمة العسكرية كما اقترح الرئيس بري – او الى المجلس العدلي او جهة قضائية اخرى، لان الوصول الى حلول لهاتين النقطتين المدخل الواضح لعقد لقاء سياسي موسع في بعبدا يجمع كل الاطراف المعنية بالمشكلة بما اقترح الرئيس بري.
في كل الاحوال تقول الاوساط القريبة من قصر بعبدا ان اجواء الاتصالات والمساعي القائمة مشجعة ولو ان المخارج لم تتبلور حتى اليوم، لكنها ترى انه اذا استمرت الامور في المنحى الذي انتجته اتصالات الساعات الماضية، فيمكن الوصول الى مخارج مع نهاية الاسبوع الحالي او مطلع الاسبوع المقبل. وتكشف الاوساط ان المساعي المستمرة تتمحور حول نقطتين لا تزالان عالقتين:
الاولى: ان يسلم كل من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني اللذين حولهما شبهات بأنهما شاركا في حادثة قبرشمون وما تبع ذلك من عمليات اطلاق نار هناك وفي بعض الاماكن الاخرى، لكي يصار الى التحقيق معهم، فإما يتم توقيفهم اذا ثبت تورطهم في هذه الحوادث واما سيتم اطلاق سراحهم.
النقطة الثانية: ما يتعلق بالجهة القضائىة التي ستعلن اجزاء التحقيق لاحقا في الحوادث التي حصلت وخلفياتها واسبابها، وتوضح الاوساط ان التوجه الاكثر ترجيحا حتى الان يقضي بأن تقوم النيابة العامة التمييزية او المحكمة العسكرية بإجراء التحقيقات في المرحلة الاولى وفي ضوء ما تظهره التحقيقات وما اذا كان هناك اعداد مسبق لهذه الحوادث وتبيان طبيعة وخلفيات ما حصل عندها يرجح ان يصار الى تحويل الحوادث الى المجلس العدلي في ضوء محاولة اغتيال الوزير صالح الغريب واصابة سيارته بأكثر من 20 طلقة، وبالتالي لن يكون هناك من مبرر بعد ذلك من الاعتراض على تحويل الملف الى المجلس العدلي، وهو ما يعني استبعاد عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل، الا اذا امكن تجاوز حصول اشتباك سياسي في الجلسة او الوصول الى مخارج لحوادث الجبل.
لكن احد النواب القريب من حركة الاتصالات يشير الى ان اجواء المساعي لا تزال شبه مقفلة بما خص تسليم كل المتهمين من كل الاطراف وبما يتعلق بالمسار القضائي وتحويل القضية الى المجلس العدلي، رغم استعداد الاطراف المعنية من الحزبين الاشتراكي والديموقراطي للتعاون لإنهاء ذيول وتداعيات ما حصل، الا انه لا زالت المواقف متباينة من مسألة التعاطي المتوازن ودون الوقوف مع طرف ضد اخر حيث لكل من قيادتي الحزبين رؤية مختلفة الى ما هو مطلوب لإنهاء ذيول ما حصل.