ارخى مشهد الارتياح والتفاوض الانتخابي الذي جرى بين القوات والاشتراكي في عاليه والشوف بتأثيراته على معركة بعبدا التي تشكل امتدادا طبيعيا للدائرة اللصيقة بها، واستراح عدد من اللاعبين في دائرة بعبدا في ساحة الانتخابات بعد جلاء الصورة وعودة التفاهمات الانتخابية الى المربع الاول الذي خرجت منه في انتخابات 2009، فالمواجهة هي ذاتها تقريبا بين حزب الله والثنائي الشيعي مع لائحة ما يعرف بفريق 14 آذار في الدائرة المتمثلين بالاشتراكي والقوات، لكن وضوح التحالفات لا يعني في الاوساط الانتخابية ان معركة بعبدا سهلة وخالية من التعقيدات والمفاجآت التي ستحصل حيث ان اللائحة التي فازت بكاملها في الاستحقاق الماضي مرشحة اليوم للاختراق ولخسارة مقاعد بارزة بفعل القانون النسبي الذي ترسي مفاعيله على كل الدوائر مهما كانت التحالفات قوية ومتماسكة ولكن القانون هو القانون، وعمليا فان اللائحة القوية في بعبدا هي لائحة حزب الله وامل والتيار الوطني الحر لكنها معرضة للاختراق باكثر من مقعد (بمقعدين وفق حسابات القانون النسبي على الارجح ان احدهما واحد من المقاعد المارونية للتيار فيما التغيير سيطال المقعد الدرزي ايضا وتختلف الترجيحات بالنسبة الى احد المقاعد الشيعية)
مؤخرا دخلت العملية الانتخابية مسارا مختلفا في الدائرة بعد تثبيت التحالف بين التيار والثنائي الشيعي الى ما كان عليه في الدورات الماضية من تعاون وتنسيق خصوصا وان لائحة التيار وحزب الله خاضت في انتخابات 2009 معركة قاسية ضد لائحة 14 آذار وتمكن التيار من حصد ثلاثة مقاعد مسيحية ومقعد درزي فيما خسر الاشتراكي مقعده الدرزي . اتفاق التيار وحزب الله كما تؤكد اوساطهما سبق تحالف الاشتراكي والقوات بعدما تبين للطرفين ان خوض الانتخابات على مستوى بعبدا يصب في اطار المصلحة السياسية والاستراتيجية للتيار وحزب الله اضافة الى المصلحة الانتخابية بقلب الصفحة على خلافات التيار وحركة امل وحيث ان المفاوضات في بعبدا انحصرت بين التيار والحزب يبدو ان هناك املاً لتفادي اي خربطات، وقد تبين ان لا خلافات جوهرية او ما يعيق التحالف في هذا القضاء بين الثنائي الشيعي وبين التيار الوطني الحر، وحيث تأكد ان نواب التيار الوطني الحر بعيدا عن التحالف مع حزب الله كانوا يواجهون خطرا حقيقيا بفقدان مقعدين مسيحيين والمقعد الدرزي في القانون الجديد مما استدعى زيادة الضغط لانجاز التحالف من جهة، فليس من مصلحة الثنائي الشيعي وحزب الله خصوصا ان تقع الخسارة لحليفهما التيار في المفهوم العام وبالتالي ليس مقبولا ان تحصل خسارة على هذا المستوى كما ان حزب الله لا يقبل بضرب العهد وعليه تم اقفال الباب في وجه الباقين واصبحت على هذه الحال لائحة التيار الثنائي الشيعي مقفلة وعلى الشكل التالي، النواب الموارنة انفسهم آلان عون وحكمت ديب وناجي غاريوس، وفادي علامة وعلي عمارعن الشيعة فيما لا يزال ثمة علامة استفهام في خصوص المقعد الدرزي باعادة تثبيت النائب فادي الاعور او استبداله بالمرشح سهيل الاعور. ولعل ما جعل حزب الله يسير في هذا التحالف بحسب اوساط هو ما تناهى من معلومات وحسابات مفادها ان الخطر يهدد مقعدين اثنين من المقاعد المارونية للتيار والمقعد الدرزي فاقتضى التصويب .
اما لجهة الاشتراكي والقوات بات واضحا ان اللائحة تضم المرشح هادي ابو الحسن عن الاشتراكي والوزير بيار ابو عاصي عن المقعد الماروني وثمة محاولات لضم النائب السابق صلاح حنين الى اللائحة والمرشح ايلي غاريوس من مرشحي دورة 2009، والمرشح صلاح الحركة عن المقعد الشيعي فيما يبدو ان الكتائب لا ترغب بالانضمام لهذه اللائحة ربطا بموقف رئيس الكتائب في شان التحالف مع السلطة ولتعذر التوافق مع القوات في عدد من الدوائر.يسعى تحالف القوات والاشتراكي الى تحقيق نتائج تتمثل على الاقل بالخرق لمقعد ماروني او الدرزي لكن هذا الخرق دونه حسابات كثيرة تبعا للقانون، وفيما تعتبر اوساط التحالف الاشتراكي والقوات ان الخرق ليس معقدا فان الحسابات الانتخابية تظهر ان تحالفهما قادر على تأمين الحاصل للائحة ولكن هذا الحاصل لا يكفي للمرشحين فالاشتراكي والقوات يجمعان 17 الف صوت بتحالفهما ويحتاجان الى حوالى عشرة آلاف صوت لتأمين الربح لمرشحي الاشتراكي والقوات ولأن البلوك الاشتراكي هو في حدود العشرة لآلاف صوت فان فوز المرشح الاشتراكي اهون من فوز المرشح القواتي.من هنا تدرس هذه اللائحة خيارات انتخابية مع مروحة واسعة من المرشحين الذين يمكنهم تأمين اصوات ترفد اللائحة بما تحتاجه، وعليه يبرز خيار لائحة ثالثة تتوزع فيها السيناريوهات بحسب المرشحين على الشكل التالي، فاما لائحة تجمع الكتائب (رمزي ابو خالد) مع المجتمع المدني وايلي غاريوس او لائحة تضم جو حبيقة والكتائب وايلي غاريوس، وفي هذه السيناريوهات فان ثلاثة احزاب من شأنها ان تقلب المعادلات الانتخابية في بعبدا فتعاون اللائحة الثانية مع احد الاحزاب في الدائرة والمرشحين من اصحاب الحيثيات الشعبية قد يقلب او يبدل المعطيات، فحزب الوعد استطاع ان يستنهض قاعدته في القضاء مؤخرا بعد قرار جو حبيقة الترشح ويملك مناصرين ومحازبين له، اضافة الى تيار المردة الذي يمتلك ثقلا ومؤيدين وحاملي بطاقات حزبية وعدم وجود مرشح رسمي له في بعبدا يسمح له بتجيير اصواته في المعركة الحاصلة.
معركة بعبدا في هذا الاطار تبدو نسخة ذاتها عن معركة 2009 بالتحالفات السياسية ذاتها وحتى بالوجوه العائدة للترشح والتي لم يسعفها الحظ في استحقاقات سابقة رغم نيلها اصوات وارقام انتخابية عالية فالمعركة كانت «على المحك» ولامس بعض المرشحين الموارنة حدود الفوز في الانتخابات الماضية ولكن القانون لم يسمح لهم بالوصول الى المجلس النيابي ومن الوجوه العائدة الى الاستحقاق كل من المرشحين ايلي غاريوس وصلاح حنين عن المقاعد المارونية وجو حبيقة الذي يخوض المعركة لاول مرة والنائب السابق صلاح الحركة والمرشح سعد سليم عن المقعد الشيعي الذي نال ارقاما عالية في انتخابات 2009 لكنه لم يتمكن من الوصول.