Site icon IMLebanon

“إعلان بعبدا” حاجة وضرورة

لا يهمّ كثيراً ما قاله الرئيس سابقاً إميل لحود في “إعلان بعبدا” من أنه “كناية عن صك استسلام وغدر بحق الشعب والجيش والمقاومة وإنكار للانتصارات والإنجازات، كل ذلك تحت شعار النأي بالنفس”، لأنه يُصنّف في باب النكايات السياسية. إلا ان “إعلان بعبدا” بما تضمّنه يبقى حاجة وطنية إذا أمكن الأطراف في الداخل التحرر قليلاً من التزامات الخارج، والعمل من منطلق وطني بحت، فلا يربطون حركتهم، ومصيرهم، بخارج لاهث وراء مصالحه، ويستعمل أطراف الداخل حجارة على رقعة الشطرنج.

ففي إعادة قراءة لـ “إعلان بعبدا” الذي أقرّ في حزيران 2012، نجد أن بنوده الخلافية أو تلك التي صارت خلافية بعد موافقة الجميع عليها في جلسة الحوار التي شارك فيها الجميع، لا تزال تشكّل علاجاً لأزماتنا المستشرية والتي يعيش بلدنا حالياً تداعياتها السلبية، بل الكارثية.

تضمّن البند 12 من الإعلان: تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، عدا ما يتعلّق بواجب التزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم.

وفي البند 13 الآتي: الحرص تالياً على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانيّة السوريّة وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرّاً أو ممرّاً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحقّ في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفولاً تحت سقف الدستور والقانون.

لماذا الاعتراض وأين الاستسلام والخنوع وما شابه من عبارات لا حقيقة فيها ولا منطق. فحق المقاومة مشروع لكل لبناني داخل أرضه المحتلة، وليس في مدن الداخل السوري وقُراه، وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة مطلب ملح لئلا ينشأ شريط حدودي كما حصل في الجنوب اللبناني زمن الاحتلالين الإسرائيلي والفلسطيني له. أما تحييد لبنان، متى أمكن ذلك، فهو العلاج لبلد صغير نسبياً، يعيش على الجمع بين عوالم مختلفة ليتمكّن من الاستمرار، وهو تفجّر مراراً كلما حاول الاصطفاف أو الدخول في لعبة المحاور.

إن مصلحة لبنان العليا تقتضي العودة إلى “إعلان بعبدا”، سواء أيّد الأفرقاء السياسيون الرئيس ميشال سليمان أم اختلفوا معه، لأن الإعلان لم يكن مُلكه، بل هو مُلك اللبنانيين الذين أملوا أن يشكّل ما يصدُر عن طاولة الحوار نقطة التقاء تخفف الاحتقان وتمنع الانفجار.