IMLebanon

حوار بعبدا أمام استحقاق تحديد خطوات عملية وتنفيذية لترجمته

 

 

واشنطن فرضت عقوبات على «حزب الله» والنظامين السوري والإيراني وليس على لبنان

جاءت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري لرؤساء الكتل النيابية، لحضور جلسة حوار في قصر بعبدا في الخامس والعشرين من الجاري، بانتظار أن يوجه رئيس الجمهورية ميشال عون، باقي الدعوات لرؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات السابقين، ومن يختاره من الشخصيات السياسية الأخرى، لتشكل استجابة لدعوات سبق وأطلقت تطالب الرئيس عون، ومن موقعه، بالدعوة إلى عقد طاولة حوار تجمع القيادات السياسة، في سياق البحث عن مخارج من الوضع القائم، حتى قبل أن تتأزم الأمور في أعقاب انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول الماضي. وقد سبق لرئيس الجمهورية أن أشار إلى أنه سيدعو للحوار، في إطار استكمال البحث في الاستراتيجية الدفاعية، لكنه عاد وتراجع عن هذا الموضوع، جراء التطورات التي شهدها البلد، وفي أعقاب صدور مواقف عن «حزب الله» وقوى الثامن من آذار، لا تماشي عون في طرحه هذا، ما دفعه إلى تأجيل البحث في هذا الموضوع. واليوم وطالما أن الظروف لم تتبدل، لا بل إن الحزب، ومن خلال خارطة الطريق التي حددها أمينه العام السيد حسن نصرالله في كلمته المتلفزة، أول أمس، بدا أكثر تمسكاً بهذا السلاح أكثر من أي وقت مضى.

 

وعلى أهمية إعادة التواصل بين المكونات السياسية في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، إلا أن الأجواء الداخلية لا توحي بكبير تفاؤل بإمكانية أن تستجيب هذه المكونات، للدعوة الحوارية والمشاركة في اجتماع بعبدا، باعتبار أن هناك أطرافاً سياسية، سبق وقاطعت جلسات الحوار الاقتصادي الأخيرة التي دعا إليها الرئيس عون في القصر الجمهوري. والآن ومع احتدام الاشتباك السياسي بين العهد والحكومة من جهة، والخصوم من جهة ثانية، فلا يبدو أنه ستتم تلبية الدعوة الرئاسية لحضور جلسة الحوار من بعض القوى السياسية التي تنظر إلى هذا الحوار، على أنه يشكل مخرجاً للعهد والحكومة من المأزق الذي أوصلا البلد إليه في الأشهر الماضية، نتيجة عقم المعالجات وغياب الحلول الجدية التي تكفل، بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبالتالي فإن هذه القوى ستجد نفسها مضطرة للغياب عن الاجتماع، تعبيرًا عن رفضها لسياسة السلطة في مقاربة الحلول المطلوبة.

 

مواقف نصر الله عكست عمق المأزق الذي يمر به حزبه

 

لكن في المقابل، فإن هناك وجهة نظر سياسية معارضة، لا ترى غضاضة في أن تشارك جميع الاطراف السياسية في هذا الحوار الذي سيعقد في القصر الجمهوري، «باعتبار أن كل دعوة حوار مرحب بها، ولا يمكن لأي فريق سياسي، أن يكون بالمبدأ رافضاً للحوار، شرط أن يقترن بخطوات عملية وتنفيذية، كي لا يتحول حواراً للحوار. سيما وأن المسؤولين الرسميين في البلد، قد دخلوا في دوامة الاجتماعات المكثفة التي لا تنتهي، دون أن تقترن بخطوات عملية تساعد في الحل المنتظر. ففي جلسة الحوار الأخيرة عبر كل طرف سياسي عن موقفه، ولكن الأمور انتهت عند هذا الحد، بينما ومنذ تشكيل هذه الحكومة إلى اليوم، لم تسفر كل الاجتماعات المكثفة التي تعقد، عن نتائج حاسمة تصب في إطار الخروج من المأزق.

 

ولم تتحقق في المقابل أي خطوة إصلاحية، تعزز الثقة الخارجية وتعطي دليلاً على أن الحكومة جادة في تنفيذ برنامجها الإنقاذي. وهذا يفرض برأي الأوساط السياسية المعارضة، أن «تقترن الدعوة إلى الحوار بجدول أعمال واضح المعالم، وبخريطة طريق لترجمته، وإلا فإن الأمور عندها لا تبدو مشجعة للسير بهذا المشروع».

 

وتشدد على أن «المطلوب من أي حوار، مواقف وقرارات وخطوات عملية، وألا تبقى الأمور في سياق الاجتماعات التي لا تخرج بأي نتيجة عملية، لافتة إلى أنه وبانتظار الإعلان رسمياً عن جدول أعمال الحوار المرتقب، فإن التركيز في جلسة الخامس والعشرين من الجاري، سيكون منصباً على ضرورة تهدئة المناخات المذهبية والطائفية، والسعي إلى وأد الفتنة وحماية العيش المشترك وتحصين الوفاق الوطني، وضرورة توقيف الضالعين في الأحداث الأمنية الأخيرة، والتصدي الحازم للمخربين، والعمل على إطفاء نيران الصراعات بين المكونات الداخلية، إلى جانب التطرق إلى قانون «قيصر» وما يشكله من تحد كبير بالنسبة إلى لبنان، الأمر الذي يوجب توحيد وجهات النظر الداخلية لمواجهة تداعياته، والعمل على الحد منها قدر المستطاع، إضافة إلى الهم الاقتصادي المتصاعد الذي يشكل أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة، في ظل عدم حصول تقدم على صعيد المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي».

 

وتشير الأوساط إلى أن «السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه، لماذا لم يقدم الفريق الحاكم على تسجيل أي إنجاز منذ تأليف هذه الحكومة حتى اليوم؟ ولماذا هذا التلكؤ في التصدي للمخربين الذين استباحوا الحرمات في بيروت وغيرها من المناطق ومحاكمتهم وإنزال العقاب المطلوب بحقهم؟ وبالتالي ما هو مبرر هذا التأخير العبثي في تحقيق الإصلاحات المطلوبة لتجاوز المأزق الاقتصادي الذي يهدد لبنان بأوخم العواقب؟. هذه الأسئلة وغيرها سيطرحها المعارضون في الحوار الموعود على ممثلي العهد والحكومة. وطالما أن هذا الفريق ممسك بزمام الأمور، فلماذا لا يبادر إلى اتخاذ الوسائل الضرورية للعلاج التي تطمئن اللبنانيين، بدلاً من الدعوة لحوارات قد لا تودي الغاية المرجوة منها؟».

 

وترى أن «مواقف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله التي استبق فيها جلسة الخامس والعشرين من الجاري الحوارية، عكست عمق المأزق الذي يمر به حزبه. فالرجل أراد القول أنه لا يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور اقتصادياً. إذ إن هناك خشية داخل بيئة «حزب الله» بسبب ما وصلت إليه الأمور اقتصادياً، ولذلك فإن نصرالله عاد إلى نظرية المؤامرة بتحميله الولايات المتحدة الأميركية المسؤولية، بقوله أن الأخيرة تريد إفقار الشعب اللبناني، ودعوته غير المنطقية إلى التوجه نحو الصين. في وقت لا تبدو المشكلة عند الأميركيين، ما يبعد احتمال المؤامرة، لأن واشنطن لم تفرض عقوبات على الحكومة والشعب اللبنانيين، وهي لا زالت تقدم مساعدات للجيش اللبناني بمئات ملايين الدولارات. وبالتالي فإن العقوبات محصورة بـ«حزب الله» والنظامين السوري والإيراني، وليس على لبنان. ولذلك فإن الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان، هي نتيجة سياسات «حزب الله» وحلفائه».