تنصبّ الجهود السياسية الحالية على إنجاح حوار بعبدا المزمع عقده في 25 الجاري. لقاء قوبل بالاتهامات وبالتشكيك بأهدافه، وصُوّر على أنه محاولة من رئيس الجمهورية، صاحب الدعوة، لتعويم عهده الذي بات في خطر، لكن الحقيقة من وجهة نظر من تبنوا المساهمة في إنجاحه ان البلد كلّه في خطر وليس العهد، والمطلوب تلبية الدعوة للبحث في الأزمة على المستوى السياسي والمالي والاقتصادي والتفلّت الأمني والشحن الطائفي والمذهبي. لذا يرى مساهمون في حركة الاتصالات لعقد اللقاء أن التشكيك في نجاح انعقاد المؤتمر لا داعي له لأن “الدعوة وطنية بامتياز، وغالبية الجهات المدعوة صارت مقتنعة بضرورة تلبية الدعوة، ومن لم يقتنع بعد لن يتأخر كثيراً في الاقتناع”. وللغاية يتمّ التواصل على أكثر من مستوى، من قبل الاصدقاء والمقربين للوصول إلى نتيجة مرضية. وفي مقدِّم من ينتظر موافقتهم القريبة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي أبقى الباب موارباً ولم يقفله أمام الدعوة، ما عزّز آمال العاملين على خط الوساطة معه بإمكانية حضوره الحوار مع طرح فكرة عقد لقاء كسر جليد بينه وبين رئيس الجمهورية. هذا ما يؤكده مطلعون على الجهود التي انصبت لضمان مشاركة الحريري، إذ قام رئيس مجلس النواب نبيه بري بدوره في هذا المجال، في حين نشط المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على خط بعبدا – عين التينة – بيت الوسط.
الحريري والقدرة على المبادرة
يأتي هذا الحرص على حضور الحريري واحتضانه من قناعة لدى المعنيين بأن الهمّ السني بات يشكل أساس المعالجات في الوقت الراهن وعلى أساسه تبنى المبادرات. فتعدّد الرؤوس والمرجعيات عامل مقلق لا سيما في ظل وجود ارتباك على مستوى المرجعية السنية في كل المنطقة. وفي هذا الإطار يلمس من يلتقي الحريري أخيراً أن الرئيس السابق للحكومة يستعيد هدوءه وشعبيته، مخالفاً المعتقدين بانعدام قدرته على المبادرة. قد لا يحتاج الحريري إلى بيان رؤساء الحكومات السابقين ليحدّد موقفه وهو المتقدّم عليهم حضوراً ومبادرة، وتجمعه علاقة مع المكوّنات السياسية على اختلافها. ولن يكون بعيداً قول البعض هنا إنّ مجلس نادي رؤساء الحكومات السابقين يشكل عبئاََ على الحريري في أماكن معينة ويأسر حركته. وغير بعيد عن الهمّ السني، يمكن الحديث عن مجمل المصالحات واللقاءات التنسيقية الجارية في البلد والتي تهدف إلى تحقيق وحدة وطنية في مواجهة التحديات المصيرية التي يواجهها لبنان. برأي العاملين على خط الحراك السياسي إن “الظروف الصعبة يفترض ان تجمع حولها الجميع لا أن تدفعهم الى التباعد كما هو حاصل اليوم حيث تسود الإنقسامات والنكايات السياسية، والتي باتت واضحة مع انعقاد مؤتمر حوار بعبدا حيث تنتظر كل جهة مدعوة موقف الآخرين للبناء عليه”. وهذه المواقف أزعجت بري، وكثّفت مساعي اللواء ابراهيم على خطين مستقيمين. فهو يبحث من ضمن خلية الأزمة المالية عن حلول للتهافت على طلب الدولار وارتفاع سعر صرفه ومعالجة المضاربات في السوق السوداء، ويساهم في التحضير لمؤتمر حوار بعبدا. الدولار… لا حلول سحرية
“وسيط الجمهورية” المشارك في اجتماعات اللجنة المالية التي تلتئم اليوم، يتركز عمله على حلّ موضوع الصيارفة غير الشرعيين. فعلى مستوى المعالجات المالية، كان من الصعب ترك السوق من دون ضوابط تحكمه ومن دون توقيف الصرافين المخالفين او غير الشرعيين للحدّ من عمل السوق السوداء. عمل الأمن العام قدر المستطاع على توقيف الصيارفة غير الشرعيين، ولكن المشكلة لم تحلّ بعد إذ كيف يتصرف عنصر الامن مع مواطن وجد فرصته في جني ربح ولو خفيف من عرض خمسين دولاراً للبيع مقابل 5 آلاف ليرة لسعر صرف الدولار. هل يلام المواطن أم الدولة؟ وهل بمقدور القوى الامنية ضبط مثل هذا السوق عادة؟ الجواب بالنفي طبعاً مع وجود هذا الكمّ من الناس التي تسعى لتحصيل المئة ألف نتيجة المتاجرة بصرف مئة أو مئتي دولار. لا حلول مرتقبة في المستقبل القريب والأمل معقود على إعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي وحركة الوافدين الذين سيحملون في حوزتهم مبالغ من الدولارات يتم صرفها في لبنان ما يمكن أن يحرّك السوق، لأن المطلوب دخول أموال بالعملات الصعبة الى لبنان، ولا حلول سحرية غير ذلك. كما يستمر اللواء ابراهيم في لعب دور الوسيط بين جمعية المصارف والحكومة، حيث الهم الوحيد هو تصحيح الفرق في الارقام بين الحكومة وجمعية المصارف والمصرف المركزي وتوحيد الارقام خلال التفاوض مع صندوق النقد. وينطلق اللواء ابراهيم في عمله من حيازته ثقة اغلب الافرقاء اللبنانيين في زمن يعاني لبنان أزمة ثقة بين مكوناته، وتعصف به المشاكل الكبيرة والثقيلة والازمات الحادة التي تضعه على قارعة الدول المتهالكة والفاشلة، أقله على المستويين المالي والاقتصادي، ما ينعكس سلباً على الوضعين السياسي والامني.