IMLebanon

مؤتمر بعبدا الاقتصادي: تجاوز فاضح للمؤسسات الدستورية؟!

 

تبدي أكثر من جهة سياسية، تساؤلها حول إدارة رئيس الجمهورية ميشال عون للملف الإقتصادي ما ظهر بوضوح خلال المؤتمر الإقتصادي الأول الذي عقد في قصر بعبدا، إلى اللقاء الثاني الذي سيعقد في الثاني من أيلول المقبل، وتوسيع بيكار المشاركة بغية دعوة الأحزاب لوضعها في صورة ما سيقدم عليه رئيس الجمهورية من خطوات قد تكون مؤلمة، ومنها ضريبة على المحروقات.

 

وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن الوضع الإقتصادي والمالي سبق وارتبط بالرئيس الشهيد رفيق الحريري من خلال مؤتمر «باريس1 و2،» وصولاً إلى دور الرئيس سعد الحريري الذي تابع مسيرة والده في هذا السياق عبر «باريس 3»، وصولاً إلى «سيدر»، وبمعنى آخر هل خرج هذا الملف من عهدة الحريرية السياسية؟

 

وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية مواكبة أن ما يجري اليوم، ومن خلال اجتماعي بعبدا وبيت الدين المتعلقين بالملف الإقتصادي، يحمل أكثر من إشارة سياسية واقتصادية، إذ يرى رئيس الجمهورية أنه الأجدر والأحق دستورياً لمعالجة هذه المسائل أمام ما يصيب البلد من انهيار إقتصادي، ولا يقبل بأن يقال أن هذا الإنهيار والإفلاس حصل في عهده، ولهذه الغاية لن يتحمّل تبعات ما يجري، بل سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وإن زعل هذا الطرف أو ذاك، ولا سيما رئيس الحكومة، الذي بدوره يعتبر أنه ومن خلال علاقاته واتصالاته، من «باريس 3» إلى «سيدر»، فهو خشبة الخلاص للمسألتين الإقتصادية والمالية، على أن يحصّن ذلك بعدم القصف على دوره ووقف الحملات السياسية التي تطاوله وتحدّ من تعبيد الطريق أمام العملية الإقتصادية والمالية الملزمة المطلوبة من «سيدر» ومن قبل الدول المانحة.

 

ووجد مصدر نيابي مخضرم، أن الإجتماع الإقتصادي تحت عنوان «قمة سياسية»، يقترب من كونه خروجاً على النصوص الدستورية، خصوصاً وأن الدستور يحصر القرارات بالسلطة الإجرائية. وإذ اعتبر المصدر، أن الإجتماع يأتي متأخراً في ضوء الأزمة المالية المتفاقمة، اعتبر أن اتفاق القوى السياسية على خريطة مالية واقتصادية قابلة للتنفيذ، وتحديداً التوافق على تقديم التضحيات والإبتعاد عن الشعبوية، قد يكون مطلوباً من اجل تحقيق الإصلاح، مع العلم أن لا بديل عن الإصلاح والإنقاذ إلا الإنهيار.

 

في المقابل، كشف أمين عام الإتحاد العمالي العام ونائب رئيس المجلس الإقتصادي ـ الإجتماعي سعد الدين حميدي صقر، أن دور الإتحاد سيبدأ بعد يوم الإثنين، إذ أن الجميع يترقّب ما سيحصل، خصوصاً وأن هذا اللقاء يدل على أن السلطة تعتبر أن الأحزاب هي أكبر من المجتمع المدني والهيئات العمالية والفاعليات المالية والاقتصادية والإتحاد العمالي والمجلس الإقتصادي. وأكد أن هناك قلق واضح لدى المواطن، الذي يعتبر أن القوى السياسية هي المسؤولة عن وصول البلد إلى هذا الواقع المتردّي بسبب تخلّيها عن كل السياسات الإنقاذية الجدية. وحذّر من تحميل المواطن أكثر من طاقته، معتبراً أن أحد يتنّبه إلى أن الإنفجار الإجتماعي قد يكون أخطر من الإنفجار الأمني، وذكّر بما حصل في عهد حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، وإن كانت هناك أيادٍ خفيّة في هذه التجربة. وكشف أنه في ظل ما يجري الحديث عنه عن قرارات قاسية وغير شعبية وموجعة، مثل رفع الدعم عن الكهرباء وزيادة الضريبة على البنزين، ورفع ال tva إلى 15%، فإن موقفنا هو بأن البديل عنها واضح وهو وقف الصفقات ووقف الهدر.

 

وقرأ الباحث في الحقوق الإجتماعية المحامي ميشال فلاح في اللقاء المرتقب، محاولة للإيحاء بأن السلطة تحاول تدارك مرحلة ما بعد التصنيفات السلبية بحق لبنان، وإعطاء صورة جدّية عن حرص السلطة على الوفاء بالتزاماتها التي قدّمتها خلال مؤتمر «سيدر». ولاحظ أن العيوب الشكلية في المدعوين تدل على أن ما يجري بعيد كل البعد عن أن يكون طاولة نقاش موضوعية وعلمية واقتصادية واجتماعية، بحيث أن الصورة المتوقّع ظهورها ستقتصر على التأكيد على أن العهد هو الحاضن لكل القوى السياسية، ولو شكلياً، في غياب المؤسّسات المعنية مباشرة بالوضع الإقتصادي، وابرزها المجلس الإقتصادي ـ الإجتماعي، ومراكز الأبحاث والجامعات والخبراء، وذلك في الوقت الذي تتوفر في لبنان الخبرات اللازمة والمشهود لها عالمياً.

 

وأكد فلاّح، أن هذا الواقع يؤدي إلى أحكام مسبقة، لأن اللقاء سيكون مناسبة لالتقاط الصور، إذ لا يمكن الخروج بقرارات أو حتى توصيات، لأن القرارات تصدر عن مجلس الوزراء، والتوصيات تصدر عن مجلس النواب.

 

وفي غياب جدول الأعمال الواضح والتصوّرات التي ستتم مناقشتها من قبل المدعوين إلى طاولة الحوار الإقتصادي، طرح أحد الخبراء الإقتصاديين أكثر من علامة استفهام، خصوصاً لجهة القرارات التي قد تتم مناقشتها من قبل رؤساء الكتل النيابية والأحزاب، في ضوء إعلان وزير المال علي حسن خليل عن عدم وجود أي توجّه لفرض رسوم أو ضرائب تطاول الفئات الفقيرة والمتوسطة. ونبّه الخبير من محاذير استبعاد الفاعليات الإقتصادية ومن تجاوز المؤسّسات الدستورية وحصر المعالجات بالسياق السياسي، في الوقت الذي تتطلّب فيه المرحلة إجراءات واضحة ومحدّدة، وليس نقاشاً سياسياً لا تأخذ به مؤسّسات التصنيف الدولية، وذلك بعد تجربة موازنة العام 2019، التي لم تأتِ على مستوى التحديات من حيث القرارات الإصلاحية.

 

وفي الوقت الذي اعتبر فيه الخبير الإقتصادي أن الثقة الدولية بلبنان قد باتت مهدّدة اليوم، كشف أن الثقة برئيس الحكومة سعد الحريري، قد شجّعت الدول المانحة على تقديم التزامات وتعهّدات بدعم لبنان مالياً من خلال مؤتمر «سيدر»، وبالتالي، فإن تجاوز دوره الإقتصادي قد يهدّد هذه الإلتزامات، خصوصاً وأن ما من أعمال واضح أو خطة مالية واقتصادية للخروج من الأزمة.

 

وفي سياق متصل قالت أوساط سياسية متابعة للملف الاقتصادي أن رئيس الجمهورية يشعر بخطورة الازمة الوطنية والاقتصادية والمالية خصوصاً وأن اي انهيار سيتحمله عهده، لكنها استغربت محاولة اختزال المؤسسات وتجاوز الحكومة والبرلمان والحديث عن انقاذ بينما الحلول كانت بديهية ولم يتم الاخذ برأي الخبراء خلال مناقشة موازنة العام الحالي من أجل المعالجة واليوم تجري المعالجات على طريقة السلة المثقوبة حيث سيدفع المواطن ثمن تفادي الانهيار بينما المطلوب هو الاصلاح الحقيقي وليس الاستمرار في الهدر. واعتبرت الاوساط أن اللقاء سيخلص الى ورقة عمل اقتصادية والى صورة تذكارية وذلك لأغراض سياسية.