طار إسم المرشح المفترض لرئاسة الحكومة سمير الخطيب بالضربة “الطائفيّة” القاتلة بعدما أعلن هو شخصياً من دار الفتوى أن الطائفة أجمعت على إعادة تسمية الرئيس المستقيل سعد الحريري.
كان من المقرّر أن تُسمّي الإستشارات النيابية اليوم الخطيب، إلاّ أن أمراً ما حصل بسرعة البرق وأطاح الخطيب، ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وأعاد إسم الحريري إلى الواجهة.
جرت الترتيبات على قدم وساق في عطلة نهاية الأسبوع ليوم الإستشارات الطويل في بعبدا، لكن “النقزة” ظلّت مسيطرة على القصر الجمهوري لأن التطورات تتسارع، والسياسة اللبنانية تدور رحاها في هذه الأيام على رمال متحرّكة.
تختصر بعبدا ما حصل في الساعات الأخيرة من تطورات حكوميّة، وتقول مصادر قريبة من بعبدا لـ”نداء الوطن” إن “ما حصل واضح وضوح الشمس، فالخطيب قد تراجع عن استمراره في رحلة التكليف والتأليف، وأعلنها صراحةً من دار الفتوى ومن ثم من بيت الوسط، وهذا الأمر يتعلّق بخياراته وليس بشروط سياسية منّا”.
وأمام تسارُع الأحداث، تُبدي بعبدا، المنزعجة مما حصل، إستغرابها لتطوّر الأمور نحو هذا الإتجاه، وهي التي كانت مطالبة بإجراء استشارات فوريّة وعدم الإستمرار في التأجيل، حتى ذهب البعض إلى اتهام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بانتهاك الدستور، وقد اصطدمت بعبدا بالجدار الطائفي الذي وضع الجميع أمام أمر واقع وهو حصر الترشيحات بالحريري.
وتشدّد المصادر القريبة من بعبدا على أن “المشاورات ستنطلق مجدداً، وهناك تواصُل مع الكتل واستشارات ستحصل، خصوصاً أننا سمعنا من بعض النواب حتى داخل الكتلة الواحدة آراء عدة بالنسبة إلى إسم رئيس الحكومة”. وبرز اتصال مساء بين عون والحريري، حيث بادر الأخير إلى الإتصال برئيس الجمهوريّة، ولم يكن النقاش حاسماً، حيث تناول ملف الإستشارات ولم يدخل في التفاصيل الحكوميّة والإحتمالات المستقبلية في هذا الملف.
لا شكّ أن إسم الحريري هو الأكثر تردداً في أروقة بعبدا، لكن لا تغيب عن القصر أسماء أخرى قد “يزكّيها” الحريري إذا استمرّ برفع شعار “أحد غيري وليس أنا”، ومن بين هذه الأسماء إسم السفير السابق نواف سلام إذا أعاد الحريري تسميته، لكن كل ذلك يبقى رهناً بما سيقرّره الحريري على اعتباره المرشّح الأبرز لرئاسة الحكومة العتيدة.
وفي حين يُصرّ القصر الجمهوري ومعه فريق “8 آذار” و”التيار الوطني الحرّ” على حكومة تكنو – سياسية، يُصرّ الحريري على حكومة تكنوقراط، وتراهن بعبدا على نجاح الإتصالات مع الحريري وإحداث خرق ما أو تلاقٍ في منتصف الطريق من أجل إتمام رحلة التكليف بعدما أصبحت الطابة في ملعبه، علماً أنها لا تملك خطّة بديلة عن تكليف الحريري خصوصاً بعد إغلاق الطائفة السنية الباب أمام أي مرشح آخر(إلا إذا اختار الحريري بديلاً)، ووسط تأكيد الجميع وعلى رأسهم بعبدا أنهم لا يريدون تخطّي موقف الطائفة السنيّة. تعيش اللعبة الحكومية مرحلة جديدة لا تقل سوداوية عن المراحل السابقة وسط دخول البلاد في أنفاق الإنهيار الإقتصادي والمالي و”النفاق” الذي يمارسه أرباب السلطة والتسلّط، وهذا الأمر يُحتّم على الجميع الإسراع في عملية التكليف والتأليف، في حين ترى بعبدا أنه ليس صحيحاً أن المجتمع الدولي متمسّك بشخص معيّن لرئاسة الحكومة من أجل مساعدة لبنان في أزمته الإقتصادية، بل إن الأساس يبقى أن نساعد أنفسنا وننطلق في عملية تسهيل التكليف والتأليف لأن العرقلة تضرّ بالبلد.
ويبقى كل شيء معلّقاً حتى يأتي الجواب الشافي من الحريري بعدما طوّق فريق العهد و”حزب الله”، بينما يبقى الأساس مطلب الثوار وهو تأليف حكومة تكنوقراط مستقلّة لا دخل لحسابات الربح والخسارة بين الطبقة السياسية فيها.
وعلى وقع استمرار تحرّك الشارع وانتفاضته على الواقع المُزري الذي وصلت إليه البلاد، يتحدّث البعض عن تطورات دولية يمكن أن تحصل في الأيام المقبلة وتحدّد بوصلة اتجاه الوضع اللبناني، وسط التخوّف من أن تكون البلاد دخلت مرحلة تصريف الأعمال التي لا أمد لنهايتها.