وجّهت رئاسة الجمهورية الدعوات «للقاء وطني هدفه التداول في الأوضاع السياسية والسعي للتهدئة على الصعد كافة بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي».
الصلح خير، ومرغوب ومطلوب أن تلتقي الأطراف اللبنانية المتنازعة حول أي قاسم مشترك، وذلك إحلالاً للاستقرار والسلم الداخلي، ورحمة بالبلاد والعباد.
غير أن المصالحات واللقاءات والحوارات التي جرت حتى الآن تحت مُسمّيات الوحدة الوطنية واللقاء الوطني، وتلك التي ربما تُستكمل في القريب العاجل، هي صعبة الفهم وبعيدة عن التصديق من قبل الناس، شكلاً ومبررات، وبمعنى آخر لا يزال صعباً «بلع» صورة الأضداد المتقاتلين الأنانيين الذاتيين الفاسدين المُفسدين، وهم يبتسمون ويتعانقون ويشبكون الأيدي … و«يا دار ما دخلك شرّ».
كما الناس يتحفظون ويخشون أن يكون اللقاء تمهيداً لتغطية امر ما مريب، أو تجديداً وتعديلاً وتنقيحاً لاتفاقيات المحاصصة، أو أن يكون مسرحية لتنفيس احتقان الشارع، أو أي أمر آخر عدا إنقاذ البلد والمواطنين المسحوقين تحت وطأة الأوضاع الصحيّة والمعيشيّة والأمنيّة.
لقد درج أرباب السياسة في لبنان على اتباع ظاهرة مُستهجنة وهي الاستخفاف بعقول الناس والمراهنة على ضُعف ذاكرتهم، وهاهم أمراء الطوائف يتداعون إلى «لقاء وطني»، هُم أنفسهم الذين درجوا على أخذ جماعتهم رهائن إلى حيث يُريدون تحت شعار مصلحة الطائفة والمذهب والمنطقة والعشيرة.
أمراء الطوائف يتداعون في الوقت الذي أصبح لزاماً عليهم أن يعتذروا من الناس الذين، ولعقود عدة، تارة يأخذونهم ويحشرونهم إلى أقصى اليمين، وتارة أخرى يسوقوهم سوق البهائم إلى أقصى اليسار! لكن حتماً سيأتي الطوفان والبركان والزلزال لا محالة، ولن يحجبه لقاء أو عناق او اتفاق!
وبعدين «اللي بيجَرِّب المجَرَّب بيكون عقلو مخرَّب!».